الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الطرف الثاني : في ترتيب الأولياء ، فتقدم جهة القرابة ، ثم الولاء ، ثم السلطنة . ويقدم من القرابة الأب ، ثم أبوه ، ثم أبوه ، إلى حيث ينتهي ، ثم الأخ من الأبوين ، أو من الأب ، ثم ابنه وإن سفل ، ثم العم من الأبوين ، أو من الأب ، ثم ابنه وإن سفل ، ثم سائر العصبات . والترتيب في التزويج ، كالترتيب في الإرث ، إلا في مسائل .

                                                                                                                                                                        إحداها : الجد يقدم على الأخ هنا .

                                                                                                                                                                        [ المسألة ] الثانية : الأخ للأبوين يقدم على الأخ للأب في الإرث ، وهنا قولان . أظهرهما وهو الجديد : يقدم أيضا . والقديم : يستويان ، ويجري القولان في ابني الأخ والعمين وابني العم إذا كان أحدهما من الأبوين والآخر من الأب . ولو كان ابنا عم أحدهما أخوها من الأم ، أو ابنا ابن عم أحدهما ابنها ، فقال الإمام : هما سواء . وطرد الجمهور القولين وقالوا : الجديد : يقدم الأخ والابن . ولو كان ابنا عم أحدهما من الأبوين ، والآخر من الأب ، لكنه أخوها من الأم ، فالثاني هو الولي ، لأنه يدلي بالجد والأم ، والأول بالجد والجدة .

                                                                                                                                                                        ولو كان ابنا ابن عم أحدهما ابنها ، والآخر أخوها من الأم ، فالابن هو المقدم ، لأنه أقرب . ولو كان ابنا معتق أحدهما ابنها ، فهو المقدم ، وبه قال ابن الحداد ، لكنه ذكر في التفريع أنه لو أراد المعتق نكاح عتيقته وله ابن منها وابن من غيرها لأنها تستحق الحرية بسببه ، زوجه ابنه منها دون ابنه من غيرها ، وهذا غلط عند جمهور الأصحاب ، لأن ابن المعتق لا يزوج في حياة المعتق ، وإنما يزوجه السلطان ، وإنما يزوج [ ص: 60 ] ابن المعتق بعد موته . وهذا كله على الجديد . وأما على القديم ، فيسوى بينهما في الصور .

                                                                                                                                                                        قلت : ولو كان ابنا عم أحدهما معتق ، فعلى القولين ، أو ابنا عم أحدهما خال ، فهما سواء بلا خلاف . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        ( المسألة ) الثالثة : الابن لا يزوج بالبنوة ، فإن شاركها في نسب كابن هو ابن ابن عمها ، فله الولاية بذلك . وكذا إن كان معتقا أو قاضيا ، أو تولدت قرابة من أنكحة المجوس ، أو وطء الشبهة ، بأن كان ابنها أخاها ، أو ابن أخيها ، أو ابن عمها ، ولا تمنعه البنوة التزويج بالجهة الأخرى .

                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        وأما الولاء ، فمن لا عصبة لها بنسب ، وعليها ولاء ، فينظر ، إن أعتقها رجل ، فولاية تزويجها له . فإن لم يكن بصفة الولاية ، فلعصباته ، ثم لمعتقه ، ثم لعصبات معتقه ، وهكذا على ترتيبهم في الإرث . وترتيب عصبات المعتق في التزويج ، كترتيب عصبات النسب ، إلا في ثلاث مسائل .

                                                                                                                                                                        إحداها : جدها أولى من أخيها ، وفي جد المعتق وأخيه قولان كإرثهما بالولاء . أظهرهما : تقديم الأخ ، والثاني : يستويان . ولو اجتمع جد المعتق وابن أخيه ، فإن قدمنا الأخ على الجد ، قدمنا ابنه ، وإلا فيقدم الجد . وقد حكينا في الإرث تفريعا على هذا القول وجها أنهما يستويان ، فيجوز أن يطرد هنا .

                                                                                                                                                                        ( المسألة ) الثانية : ابن المرأة لا يزوجها ، وابن المعتق يزوج ، ويقدم على أبيه ، لأن التعصيب له .

                                                                                                                                                                        ( المسألة ) الثالثة : إذا اجتمع أخو المعتق لأبويه وأخوه لأبيه ، [ ص: 61 ] فالمذهب القطع بتقديم الأخ للأبوين . وقيل بطرد القولين كالنسب . وقيل : يستويان قطعا . أما إذا كان المعتق امرأة ، فلا ولاية لها ، لعدم أهليتها ، فإن كانت حية ، فوجهان . أحدهما قاله صاحب " التلخيص " : يزوجها السلطان . والصحيح أنه يزوجها من يزوج معتقها ، فيزوجها أبو المعتقة ثم جدها على ترتيب الأولياء ، ولا يزوجها ابن المعتقة ، ويشترط في تزويجها رضاها ، ولا يشترط رضى المعتقة على الأصح ، إذ لا ولاية لها . وقيل : يشترط ، فإن عضلت ، ناب السلطان عنها في الإذن ، ويزوج الولي .

                                                                                                                                                                        فإن كانت المعتقة ميتة ، زوجها من له الولاء من عصبات المعتقة ، ويقدم الابن على الأب . وتعود الصور المذكورة في مفارقتهم عصبات النسب فيما إذا كان المعتق رجلا . وحكي وجه : أن الأب يقدم على الابن بعد موت المعتقة ، ووجه : أن الابن يقدم على الأب في حياتها ، وهما شاذان .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        متى اجتمع عدد من عصبات المعتق في درجة ، كالبنين والإخوة ، فهم كالإخوة في النسب . فإذا زوجها أحدهم برضاها صح ، ولا يشترط رضى الآخرين . ولو أعتق الأمة اثنان ، اشترط رضاهما ، فيوكلان ، أو يوكل أحدهما الآخر ، أو يباشران العقد معا . ولو أراد أحد المعتقين أن يتزوجها ، اشترط موافقة السلطان للآخر . ولو مات أحدهما عن ابنين أو أخوين ، كفى موافقة أحدهما للمعتق الآخر . ولو مات كل منهما عن ابنين ، كفى موافقة أحد ابني هذا أحد ابني ذاك . ولو مات أحدهما ووارثه الآخر ، استقل بتزويجها .

                                                                                                                                                                        [ ص: 62 ] فرع

                                                                                                                                                                        كان المعتق خنثى مشكلا ، ينبغي أن يزوجها أبوه بإذنه ، فيكون وليا أو وكيلا إن كان الخنثى ذكرا .

                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        فيمن بعضها حر ، خمسة أوجه . أصحها : يزوجها مالك البعض ومعه وليها القريب . فإن لم يكن ، فمعتق بعضها ، وإلا ، فالسلطان . والثاني : يكون معه معتق البعض . والثالث : معه السلطان . والرابع : يستقل مالك البعض . والخامس : لا يجوز تزويجها أصلا ، لضعف الملك والولاية بالتبعيض .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية