الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( ويجوز تأخير الصلاة إلى آخر الوقت لقوله صلى الله عليه وسلم { أول الوقت رضوان الله ، وآخره عفو الله } ولأنا لو لم نجوز التأخير ضاق على الناس ، فسمح لهم بالتأخير ، فإن صلى ركعة في الوقت ثم خرج ففيه وجهان ( أحدهما ) وهو ظاهر المذهب ، وهو قول أبي علي بن خيران أنه يكون مؤديا للجميع ، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ، ومن أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر } ومن أصحابنا من قال : هو مؤد لما صلى في الوقت قاض لما صلى بعد خروج الوقت اعتبارا بما في الوقت وبعده ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) حديث { أول الوقت رضوان الله ، } حديث ضعيف رواه الترمذي من رواية ابن عمر ، ورواه الدارقطني من رواية ابن عمر ، وجرير بن عبد الله ، وأبي محذورة وأسانيد الجميع ضعيفة وجمعها البيهقي وقال : أسانيده كلها ضعيفة ويغني عنه الأحاديث التي قدمتها في الباب كحديث : { ليس التفريط في النوم } وحديث إمامة جبريل عليه السلام وحديث : { وقت الظهر ما لم تحضر العصر وصلى المغرب عند سقوط الشفق } " وغير ذلك من الأحاديث الصحيحة . وأما حديث أبي هريرة : " من أدرك من الصبح ركعة إلى آخره " رواه البخاري ومسلم بلفظه ، وقد ذكرته قبل [ ص: 66 ] هذا ، وفي رواية في الصحيحين { من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة }

                                      ( أما حكم المسألة ) فيجوز تأخير الصلاة إلى آخر الوقت بلا خلاف حيث تقع جميعا في الوقت ، فإذا وقع بعض صلاته في الوقت وبعضه خارجه نظر إن وقع في أول الوقت ركعة فصاعدا فثلاثة أوجه ( أصحها ) باتفاقهم ، قال البندنيجي وهو المنصوص في الجديد والقديم أن الجميع أداء ( والثاني ) الجميع قضاء ، حكاه الخراسانيون ( والثالث ) ما في الوقت أداء وما بعده قضاء ، وهو قول أبي إسحاق المروزي حكاه عنه القاضي أبو الطيب وآخرون ، ودليل الوجهين في الكتاب ودليل القضاء أن الاعتبار بآخر الصلاة ، ولهذا لو خرج الوقت في أثناء الجمعة أتموها ظهرا . وإن كان الواقع في الوقت دون ركعة فطريقان : المذهب أن الجميع قضاء ، وبه قطع الأكثرون . والثاني : أنه على الأوجه حكاه القاضي حسين وآخرون . وحيث قلنا : الجميع قضاء أو البعض لم يجز للمسافر قصر تلك الصلاة على قولنا : لا تقصر المقضية ، ولو أراد إنسان تأخير الشروع في الصلاة إلى حد يخرج بعضها عن الوقت فإن قلنا كلها أو بعضها قضاء - لم يجز بلا خلاف ، وإن قلنا : كلها أداء لم يجز أيضا على المذهب ، وبه قطع البغوي وهو الذي صوبه إمام الحرمين وفيه تردد للشيخ أبي محمد وجزم البندنيجي بالجواز وليس بشيء . أما إذا شرع في الصلاة وقد بقي من الوقت ما يسع جميعها فمدها بتطويل القراءة حتى خرج الوقت قبل فراغها فثلاثة أوجه ، ( أصحها ) : لا يحرم ولا يكره ، لكنه خلاف الأولى ، ( الثاني ) يكره ، ( والثالث ) يحرم ، حكاه القاضي حسين في تعليقه ، والله أعلم . ( فرع ) ذكرنا أن حديث { أول الوقت رضوان الله } ضعيف ، والرضوان بكسر الراء وضمها لغتان قرئ بهما في السبع ، قال الشافعي رحمه الله في المختصر : رضوان الله تعالى إنما يكون للمحسنين ، والعفو يشبه أن يكون للمقصرين ، قال أصحابنا : قوله : للمقصرين قد يستشكل من حيث إن التأخير لا إثم فيه فكيف يكون فاعله مقصرا ؟ وأجابوا بوجهين [ ص: 67 ] أحدهما ) أنه مقصر بالنسبة إلى من صلى في أول الوقت ، وإن كان لا إثم عليه ( والثاني ) أنه مقصر بتفويت الأفضل كما يقال : من ترك صلاة الضحى فهو مقصر وإن لم يأثم .




                                      الخدمات العلمية