الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 85 ] قوله ( وإذا أخذ الساعي أكثر من الفرض ظلما : لم يرجع بالزيادة على خليطه ) ، وهذا المذهب ، وعليه الأصحاب .

إلا أن الشيخ تقي الدين قال : الأظهر أنه يرجع ، فعلى المذهب : لو أخذ عن أربعين مختلطة شاتين من مال أحدهما ، أو أخذ عن ثلاثين بعيرا : جذعة رجع على خليطه في الأولى بقيمة نصف شاة ، وفي الثانية : بقيمة نصف بنت مخاض .

قوله ( وإن أخذه بقول بعض العلماء رجع عليه ) ، كأخذه صحيحة عن مراض ، أو كبيرة عن صغار ، أو قيمة الواجب ونحوه ، وهذا المذهب ، وعليه جماهير الأصحاب ، وقطع به أكثرهم ، وقال أبو المعالي : إن أخذ القيمة وجاز أخذها رجع بنصفها ، إن قلنا : القيمة أصل ، وإن قلنا : بدل ، فيرجع بنصف قيمة شاة ، وإن لم تجز القيمة فلا رجوع ، قال في الفروع : كذا قال ، وقال ابن تميم : إن أخذ الساعي فوق الواجب بتأويل ، أو أخذ القيمة : أجزأت في الأظهر ، ورجع عليه بذلك .

فائدتان . إحداهما : قال في الفروع : وإطلاق الأصحاب يقتضي الإجزاء ، ولو اعتقد المأخوذ منه عدم الإجزاء ، وصوب فيه الشيخ تقي الدين الإجزاء ، وجعله في موضع آخر كالصلاة خلف تارك شرطا عند المأموم . الثانية : يجزئ إخراج بعض الخلطاء بإذن باقيهم ، وبغير إذنهم ، غيبة وحضورا ، قاله ابن حامد ، واقتصر عليه في الفائق ، وابن تميم ، وقدمه في الرعاية [ ص: 86 ] قال المجد في شرحه : عقد الخلطة جعل كل واحد منهما كالآذن لخليطه في الإخراج عنه ، واختار صاحب الرعاية : عدم الإجزاء ; لعدم نيته . قلت : وهو الصواب . وتقدم في زكاة حصة المضارب من الربح : أنه لا يجوز إخراج الزكاة من مال المضاربة بلا إذن ، نص عليه ; لأنه وقاية ، قال في الفروع : فدل أنه يجوز لولا المانع وقال أيضا : ولعل كلامهم في إذن كل شريك للآخر في إخراج زكاته يوافق ما اختاره في الرعاية .

ويشبه هذا أن عقد الشركة يفيد التصرف بلا إذن صريح على الأصح . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية