الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولا ) يكلف ( معدوم حال عدمه ) إجماعا ( ويعمه الخطاب إذا كلف كغيره ) أي كغير المعدوم من صغير ومجنون ، ولا يحتاج إلى خطاب آخر عند أصحابنا . وحكي عن الأشعرية وبعض الشافعية . وحكاه الآمدي عن طائفة من السلف والفقهاء . وفي المسألة قول ثان . ونسب للمعتزلة وجمع من الحنفية : أن المعدوم لا يعمه الخطاب مطلقا .

واستدل للقول الأول ، وهو الصحيح ، بقوله سبحانه وتعالى { وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ } قال السلف : من بلغه القرآن فقد أنذر بإنذار النبي صلى الله عليه وسلم . وقول من قال : إذا امتنع خطاب الصبي والمجنون ، فالمعدوم أجدر : ضعيف ، لأنه فهم عن الحنابلة تنجيز التكليف ولم يعلم التعليق .

وأن حكم الصبي والمجنون كحكم المعدوم ، ومن الأدلة أيضا : قوله سبحانه وتعالى { وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه } وكالأمر بالوصية لمعدوم متأهل ، وخوف الموصى الفوت لا أثر له ، ويحسن لوم المأمور في الجملة بإجماع العقلاء على تأخره عن الفعل مع قدرته وتقدم أمره ، ولأنه أزلي ، وتعلقه بغيره جزء من حقيقته . والكل ينتفي بانتفاء الجزء ، وكلام القديم صفته ، وإنما تطلب الفائدة في سماع المخاطبين به إذا وجد ، ولأن التابعين والأئمة لم يزالوا يحتجون بالأدلة ، وهو دليل التعميم والأصل عدم اعتبار غيره ، ولو كان لنقل . قال المخالفون : تكليف ولا مكلف محال رد بأن هذا مبني على التقبيح العقلي ، ثم بالمنع في المستقبل كالكاتب يخاطب من يكاتبه بشرط وصوله ويناديه ، وأمر الموصي والواقف حقيقة ، لأنه لا يحسن نفيه ، قالوا : لا يقال للمعدوم ناس ، رد بأن يقال : بشرط وجوده . قالوا : العاجز غير مكلف ، فهذا أولى ، رد بالمنع عند كل قائل بقولنا ، بل مكلف بشرط قدرته [ ص: 162 ] وبلوغه وعقله . وإنما رفع عنه القلم في الحال ، أو قلم الإثم ، بدليل النائم

التالي السابق


الخدمات العلمية