الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1736 ) مسألة : قال : ( وإن اختلطوا في غير هذا ، أخذ من كل واحد منهم على انفراده ، إذا كان ما يخصه تجب فيه الزكاة ) ومعناه أنهم إذا اختلطوا في غير السائمة ، كالذهب والفضة وعروض التجارة والزروع والثمار ، لم تؤثر خلطتهم شيئا ، وكان حكمهم حكم المنفردين . وهذا قول أكثر أهل العلم . وعن أحمد رواية أخرى ، أن شركة الأعيان تؤثر في غير الماشية ، فإذا كان بينهم نصاب يشتركون فيه ، فعليهم الزكاة .

                                                                                                                                            وهذا قول إسحاق والأوزاعي في الحب والثمر . والمذهب الأول . قال أبو عبد الله : الأوزاعي يقول في الزرع ، إذا كانوا شركاء فخرج لهم خمسة أوسق ، يقول : فيه الزكاة . قاسه على الغنم ، ولا يعجبني قول الأوزاعي وأما خلطة الأوصاف ، فلا مدخل لها في غير الماشية بحال ، لأن الاختلاط لا يحصل . وخرج القاضي وجها آخر ، أنها تؤثر ; لأن المئونة تخف إذا كان الملقح واحدا ، والصعاد ، والناطور ، والجرين ، وكذلك أموال التجارة ; الدكان واحد ، والمخزن والميزان والبائع ، فأشبه الماشية . ومذهب الشافعي على نحو مما حكينا في مذهبنا . والصحيح أن الخلطة لا تؤثر في غير الماشية ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { والخليطان ما اشتركا في الحوض والفحل والراعي . } فدل على أن ما لم يوجد فيه ذلك لا يكون خلطة مؤثرة ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم { : لا يجمع بين متفرق ، خشية الصدقة } .

                                                                                                                                            إنما يكون في الماشية ; لأن الزكاة تقل بجمعها تارة ، وتكثر أخرى ، وسائر الأموال تجب فيها فيما زاد على النصاب بحسابه ، فلا أثر لجمعها ، ولأن الخلطة في الماشية تؤثر في النفع تارة ، وفي الضرر أخرى ، ولو اعتبرناها في غير الماشية أثرت ضررا محضا برب المال ، فلا يجوز اعتبارها إذا ثبت هذا ، فإن كان لجماعة وقف أو حائط مشترك بينهم ، فيه ثمرة أو زرع ، فلا زكاة عليهم ، إلا أن يحصل في يد بعضهم نصاب كامل ، فيجب عليه ، وقد ذكر الخرقي هذا في باب الوقف .

                                                                                                                                            وعلى الرواية الأخرى ، إذا كان الخارج نصابا ، ففيه الزكاة ، وإن كان الوقف نصابا من السائمة ، فيحتمل أن عليهم الزكاة ; لاشتراكهم في ملك نصاب تؤثر الخلطة فيه ، وينبغي أن تخرج الزكاة من غيره ; لأن الوقف لا يجوز نقل الملك فيه . ويحتمل أن لا تجب الزكاة فيه ; لنقص الملك فيه ، وكماله معتبر في إيجاب الزكاة ، بدليل مال المكاتب .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية