الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : أو أخر الحلق أو طواف الركن ) أي تجب شاة بتأخير النسك عن زمانه فإن الحلق وطواف الزيارة مؤقتان بأيام النحر فإذا أخرهما عن [ ص: 26 ] أيام النحر ترك واجبا فيلزمه دم ، وكذا بتأخير الرمي عن وقته كما قدمناه ، وهذا عند أبي حنيفة وعندهما لا شيء عليه لحديث الصحيحين { لم أشعر حلقت قبل أن أذبح قال افعل ولا حرج ، وقال آخر نحرت قبل أن أرمي قال افعل ولا حرج فما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء قدم أو أخر إلا قال افعل ولا حرج } .

                                                                                        وله أن التأخير عن المكان يوجب الدم فيما إذا جاوز الميقات غير محرم فكذا التأخير عن الزمان قياسا والجامع كون التأخير نقصانا والمراد بالحرج المنفي الإثم بدليل أنه قال : لم أشعر فعذرهم لعدم العلم بالمناسك قبل ذلك ، وقوله عليه السلام { خذوا عني مناسككم } يفيد الوجوب ، وعلى هذا الاختلاف إذا قدم نسكا على نسك .

                                                                                        قال : في معراج الدراية اعلم أن ما يفعل في أيام النحر أربعة أشياء الرمي والنحر والحلق والطواف ، وهذا الترتيب واجب عند أبي حنيفة ومالك وأحمد . ا هـ .

                                                                                        لأثر ابن مسعود أو ابن عباس من قدم نسكا على نسك لزمه دم وظاهره أنه إذا قدم الطواف على الحلق يلزمه دم عنده ، وقد نص في المعراج في مسألة حلق القارن قبل الذبح أنه إذا قدم الطواف على الحلق لا يلزمه شيء فالحاصل أنه إن حلق قبل الرمي لزمه دم مطلقا ، وإن ذبح قبل الرمي لزمه دم إن كان قارنا أو متمتعا لا إن كان مفردا ; لأن أفعاله ثلاثة الرمي والحلق والطواف ، وأما ذبحه فليس بواجب فلا يضره تقديمه وتأخيره وعندهما لا يلزمه شيء بتقديم نسك على نسك للحديث السابق إلا أنه مسيء نص عليه في المبسوط قيد بحلق الحج وطوافه ; لأن حلق العمرة وطوافها ليسا بمؤقتين بالزمان فلا يلزمه بتأخيرهما شيء ، وكذا طواف الصدر ، وقيد بالطواف ; لأنه لا يلزمه بتأخير السعي شيء لعدم توقيته بزمان .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله : أو ابن عباس ) أتى بأو بناء على اختلاف نسخ الهداية كما نبه عليه في الفتح حيث قال : وفي بعض النسخ ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ، وهو الأعرف رواه ابن أبي شيبة عنه والطحاوي ( قوله : وقد نص في المعراج إلخ ) قد ذكر المؤلف عند قول المتن ثم إلى مكة أن أول وقت صحة الطواف إذا طلع الفجر يوم النحر ، ولو قبل الرمي والحلق ، وأما الواجب فهو فعله في يوم من الأيام الثلاثة عند أبي حنيفة رحمه الله . ا هـ .

                                                                                        وظاهره أنه لا يجب الترتيب بينه وبين الرمي والذبح والحلق ، وفي الدر المختار عند عد الواجبات ، والترتيب بين الرمي والحلق والذبح يوم النحر ، وأما الترتيب بين الطواف وبين الرمي والحلق فسنة فلو طاف قبل الرمي والحلق لا شيء عليه ويكره لباب . ا هـ .

                                                                                        وبالأولى لو طاف القارن والمتمتع قبل الذبح ; لأن الذبح يجب بعد الرمي ، وقد علمت أن الطواف قبل الرمي لا يجب فيه شيء فبالأولى قبل الذبح .




                                                                                        الخدمات العلمية