الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        السبب الثاني : الرضاع ، فيحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ، فكل من أرضعتك ، أو أرضعت من أرضعتك ، أو أرضعت من ولدك بواسطة أو غيرها ، فهي أمك . وكذلك كل امرأة ولدت المرضعة أو الفحل ، وكل امرأة ارتضعت بلبنك أو بلبن من ولدته ، أو أرضعتها امرأة ولدتها أنت ، فهي بنتك . وكذلك بناتها من النسب والرضاع . وكل امرأة أرضعتها أمك ، أو ارتضعت بلبن أبيك ، فهي أختك . وكذلك كل امرأة ولدتها المرضعة أو الفحل وأخوات الفحل والمرضعة وأخوات من ولدهما من النسب والرضاع ، عماتك وخالاتك . وكذلك كل امرأة أرضعتها واحدة من جداتك ، أو ارتضعت بلبن جد لك من النسب والرضاع ، وبنات أولاد المرضعة والفحل من النسب والرضاع ، بنات أخيك وأختك . وكذلك كل أنثى أرضعتها أختك ، أو ارتضعت بلبن أخيك ، وبناتها وبنات أولادها من النسب والرضاع ، بنات أخيك وأختك . وبنات كل ذكر أرضعته أمك ، أو ارتضع لبن أبيك ، وبنات أولاده من النسب والرضاع ، بنات أخيك . وبنات كل امرأة [ ص: 110 ] أرضعتها أمك ، أو ارتضعت لبن أبيك ، وبنات أولادها من النسب والرضاع ، بنات أختك .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        أربع نسوة يحرمن في النسب ، وفي الرضاع قد يحرمن ، وقد لا يحرمن . إحداهن : أم الأخ والأخت في النسب حرام ، لأنها أم ، أو زوجة أب ، وفي الرضاع إن كانت كذلك حرمت ، وإلا ، فلا ، بأن أرضعت أجنبية أخاك أو أختك .

                                                                                                                                                                        الثانية : أم نافلتك في النسب ، حرام لأنها بنتك ، أو زوجة ابنك ، وفي الرضاع قد لا تكون بنتا ولا زوجة ابن ، بأن أرضعت أجنبية نافلتك .

                                                                                                                                                                        الثالثة : جدة ولدك في النسب ، حرام ، لأنها أمك ، أو أم زوجتك ، وفي الرضاع قد لا تكون كذلك ، بأن أرضعت أجنبية ولدك ، فإن أمها جدته ، وليست بأمك ، ولا بأم زوجتك . الرابعة : أخت ولدك حرام ، لأنها بنتك أو ربيبتك . وإذا أرضعت أجنبية ولدك ، فبنتها أخته ، وليست بنتك ولا ربيبتك ، ولا تحرم أخت الأخ في النسب ، ولا في الرضاع . وصورته في النسب : أن يكون لك أخت لأم ، وأخ لأب ، فيجوز له نكاحها . وفي الرضاع : امرأة أرضعتك وأرضعت صغيرة أجنبية منك ، يجوز لأخيك نكاحها . وهذه الصور الأربع مستثناة من قولنا : يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب .

                                                                                                                                                                        قلت : كذا قال جماعة من أصحابنا : تستثنى الصور الأربع . وقال المحققون : لا حاجة إلى استثنائها ، لأنها ليست داخلة في الضابط ، ولهذا لم يستثنها الشافعي وجمهور الأصحاب - رضي الله عنهم - ، ولا استثنيت في الحديث الصحيح : " يحرم من الرضاع ما يحرم من [ ص: 111 ] النسب " لأن أم الأخ لم تحرم لكونها أم أخ ، وإنما حرمت لكونها أما أو حليلة أب ، ولم يوجد ذلك في الصورة الأولى ، وكذا القول في باقيهن . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية