الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وليس على المتيمم طلب الماء إذا لم يغلب على ظنه أن بقربه ماء ) لأن الغالب عدم الماء في الفلوات ، ولا دليل على الوجود فلم يكن واجدا للماء ( وإن غلب على ظنه أن هناك ماء لم يجز له أن يتيمم حتى يطلبه ) لأنه واجد للماء نظرا إلى الدليل ، ثم يطلب مقدار الغلوة ولا يبلغ ميلا كي لا ينقطع عن رفقته ( وإن كان مع رفيقه ماء طلب منه قبل أن يتيمم ) لعدم المنع غالبا ، فإن منعه منه تيمم لتحقق العجز ( ولو تيمم قبل الطلب أجزأه عند أبي حنيفة رحمه الله ) لأنه لا يلزمه الطلب من ملك الغير ، وقالا لا يجزيه لأن الماء مبذول عادة [ ص: 142 ] ( ولو أبى أن يعطيه إلا بثمن المثل وعنده ثمنه لا يجزئه التيمم ) لتحقق القدرة ولا يلزمه تحمل الغبن الفاحش لأن الضرر مسقط ، والله أعلم .

التالي السابق


( قوله لأنه لا يلزمه الطلب من ملك الغير ) لأن القدرة على الماء بملكه [ ص: 142 ] أو بملك بدله إذا كان يباع أو بالإباحة ، أما مع ملك الرفيق فلا لأن الملك حاجز فثبت العجز .

وعن الجصاص : لا خلاف بينهم ، فمراد أبي حنيفة إذا غلب على ظنه منعه ، ومرادهما إذا ظن عدم المنع لثبوت القدرة بالإباحة في الماء لا في غيره عنده ، فلو قال انتظر حتى أفرغ وأعطيك الماء وجب الانتظار وإن خاف الفوت ، وأما في غيره فكذلك عندهما ، وعنده لا ، فلو كان مع رفيقه دلو وليس معه له أن يتيمم قبل أن يسأله عنده ولو سأله فقال انتظر حتى أستقي استحب انتظاره عنده ما لم يخف الفوات ، وعندهما ينتظره وإن خرج الوقت ، وعلى هذا لو كان مع رفيقه ثوب وهو عريان فقال انتظر حتى أصلي وأدفعه إليك .

وأجمعوا أنه لو قال أبحت لك مالي لتحج به لا يجب عليه الحج لأن المعتبر فيه الملك وهنا القدرة ( قوله ولا يلزمه تحمل الغبن الفاحش ) قال أبو حنيفة : إن كان لا يبيع إلا بضعف القيمة فهو غال ، وقيل أن يساوي درهما فيأبى إلا بدرهم ونصف في الوضوء وبدرهمين في الجنابة ، وقيل ما لا يدخل تحت تقويم المقومين .

[ فرع ]

لا تلفيق عندنا في إقامة طهارة بين الآلتين الماء والتراب خلافا للشافعي ، لأن شرط عمل التراب شرعا عدم الأصل ، مثلا جنب أكثر بدنه مجروح تيمم فقط ولا يستعمل الماء أصلا ، ولو كان الأكثر صحيحا يغسل الصحيح ويمسح على الجراحة إن لم يضره ، وإلا فعلى الخرقة ، فلو استويا لا رواية فيه . واختلف المشايخ ، منهم من قال يتيمم ولا يستعمل الماء أصلا ، وقيل يغسل الصحيح ويمسح على الباقي ، والأول أشبه بالفقه والمذكور في النوادر .

وقد اختلف في حد الكثرة ، منهم من اعتبر من حيث عدد الأعضاء ، ومنهم من اعتبر الكثرة في نفس كل عضو ، فلو كان برأسه ووجهه ويديه جراحة والرجل لا جراحة بها يتيمم سواء كان الأكثر من الأعضاء الجريحة جريحا أو صحيحا ، والآخرون قالوا : إن كان الأكثر من كل عضو من أعضاء الوضوء المذكورة جريحا فهو الكثير الذي يجوز معه التيمم وإلا فلا .




الخدمات العلمية