الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فصل [ أمر الذي صلى فذا بالإعادة ]

ومن ذلك ظن بعضهم أن أمره صلى الله عليه وسلم لمن صلى فذا خلف الصف بالإعادة على خلاف القياس ; فإن الإمام والمرأة فذان وصلاتهما صحيحة .

وهذا من أفسد القياس وأبطله ; فإن الإمام يسن في حقه التقدم ، وأن يكون وحده ، والمأمومون يسن في حقهم الاصطفاف ، فقياس أحدهما على الآخر من أفسد القياس ، والفرق بينهما أن الإمام إنما جعل ليؤتم به وتشاهد أفعاله وانتقالاته ، فإذا كان قدامهم حصل مقصود الإمامة ، وإذا كان في الصف لم يشاهده إلا من يليه ، ولهذا جاءت السنة بالتقدم ، ولو كانوا ثلاثة ، محافظة على المقصود بالائتمام ، وأما المرأة فإن السنة وقوفها فذة إذا لم يكن هناك امرأة تقف معها ; لأنها منهية عن مصافة الرجال ، فموقفها المشروع أن تكون خلف الصف فذة ، وموقف الرجل المشروع أن يكون في الصف ، فقياس أحدهما على الآخر من أبطل القياس وأفسده ، وهو قياس المشروع على غير المشروع .

فإن قيل : فلو كان معها نساء ووقفت وحدها صحت صلاتها ، قيل : هذا غير مسلم ، بل إذا كان صف النساء فحكم المرأة بالنسبة إليه في كونها فذة كحكم الرجل بالنسبة إلى صف الرجال ، لكن موقف المرأة وحدها خلف صف الرجال يدل على شيئين : أحدهما أن الرجل إذا لم يجد خلف الصف من يقوم معه وتعذر عليه الدخول في الصف ووقف معه فذا صحت صلاته للحاجة ، وهذا هو القياس المحض ; فإن واجبات الصلاة تسقط بالعجز عنها ; الثاني - وهو طرد هذا القياس - إذا لم يمكنه أن يصلي مع الجماعة إلا قدام الإمام فإنه يصلي قدامه وتصح صلاته ، وكلاهما وجه في مذهب أحمد ، وهو اختيار شيخنا رحمه الله .

وبالجملة فليست المصافة أوجب من غيرها ، فإذا سقط ما هو أوجب منها للعذر فهي أولى بالسقوط ، ومن قواعد الشرع الكلية أنه : " لا واجب مع عجز ، ولا حرام مع ضرورة "

التالي السابق


الخدمات العلمية