الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          الركاز في دار الإسلام للمالك ، كما لو قدر عليه بمنعة ( و ) قال في منتهى الغاية وغيرها : المدفون في دار الحرب كسائر مالهم المأخوذ منهم وإن كانت عليه علامة الإسلام ، قال في [ ص: 498 ] المغني : إن وجد بدارهم لقطة من متاعنا فكدارنا ، ومن متاعهم غنيمة ، ومع الاحتمال تعرف حولا بدارنا ، ثم تجعل في الغنيمة ، نص عليه ، احتياطا .

                                                                                                          وقال ابن الجوزي في المذهب في اللقطة : في دفن موات عليه علامة الإسلام لقطة ، وإلا ركاز ( و هـ ق ) ولم يفرق بين دار ودار ، ونقل إسحاق بن إبراهيم : إذا لم يكن سكة للمسلمين فالخمس ، وكذا جزم به في عيون المسائل : ما لا علامة عليه ركاز ، وألحق شيخنا بالمدفون حكما الموجود ظاهرا بخراب جاهلي أو طريق غير مسلوك ، واحتج بخبر عمرو بن شعيب ، رواه أبو داود : حدثنا قتيبة : حدثنا الليث ، عن ابن عجلان عن عمرو بن شعيب عن أبيه ، عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم { أنه سئل عن الثمر المعلق فقال : من أصاب بفيه من ذي حاجة غير متخذ خبنة فلا شيء عليه ، ومن خرج بشيء منه فعليه غرامة مثليه والعقوبة ، ومن سرق منه شيئا بعد أن يؤويه الجرين فبلغ ثمن المجن فعليه القطع } ، قال : { وسئل عن اللقطة [ ص: 499 ] فقال : ما كان منها في الطريق الميتاء والقرية الجامعة فعرفها سنة ، فإن جاء طالبها فادفعها إليه وإن لم يأت فهي لك ، وما كان من الخراب يعني ففيها وفي الركاز الخمس } ورواه أبو داود أيضا عن [ أبي كريب عن أبي أسامة عن الوليد بن كثير عن عمرو بهذا ، وعن مسدد عن أبي عوانة عن عبيد الله بن الأخنس عن عمرو بهذا ، وعن موسى عن حماد وعن محمد بن العلاء عن ابن إدريس جميعا عن محمد بن إسحاق عن عمرو بهذا ، ورواه النسائي ، وروى الترمذي أوله وقال : حسن .

                                                                                                          وفي رواية قال : { سمعت رجلا من مزينة يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحريسة التي تؤخذ من مراتعها ، فقال : وفيها ثمنها مرتين وضرب نكال ، وما أخذ من عطنه ففيه القطع إذا بلغ ما يؤخذ من ذلك ثمن المجن فقال : يا رسول الله ، فالثمار وما أخذ منها من أكمامها ؟ فقال : [ ص: 500 ] من أخذ بفيه ولم يتخذ خبنة فليس عليه شيء ، ومن احتمل فعليه ثمنه مرتين ، وضرب نكال ، وما أخذ من أجرانه ففيه القطع إذا بلغ ما يؤخذ من ذلك ثمن المجن } رواه أحمد : ثنا يعلى : ثنا محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب . ولابن ماجه معناه : ثنا علي بن محمد حدثنا ] أبو أسامة عن الوليد بن كثير عن عمرو ، وللنسائي معناه وزاد في آخره : { ما لم يبلغ ثمن المجن ففيه غرامة مثليه وجلدات نكال } عن الحارث بن مسكين عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث ، وهشام بن سعيد عن عمرو بن شعيب ، ورواه الدارقطني عن أبي بكر النيسابوري عن يونس عن ابن عبد الأعلى عن ابن وهب ، وهذا الخبر ثابت إلى عمرو بن شعيب وعمرو مختلف فيه . وسبق قول أحمد فيه في زكاة العسل ، وأخذ بخبره هذا في غير اللقطة ،

                                                                                                          واحتج غير شيخنا به كصاحب المغني والمحرر على أنه في الخراب الجاهلي والطريق غير المسلوك كالمدفون لكن بالعلامة ، وهو مذهب ( ش ) لكن قال : إن كان ظهوره لسبب ، كسيل ، وإلا فلا .

                                                                                                          وقال في الخلاف والانتصار وغيرهما : المراد بالوجود بخرب عادي في خبر عمرو بن شعيب ما تركه الكفار وهربوا ، وهو ظاهر ، فإنه [ فيء ] فيه الخمس ، كالركاز ، ذكر صاحب المحرر أنه احتج [ ص: 501 ] به من أوجب الخمس في المعدن ; لأنه فرق فيه بين المدفون ، في العادي وبين الركاز . قال : فدل على أنه أراد بالركاز المعدن ، ثم أجاب صاحب المحرر بما سبق في الانتصار ، ولأن الشارع قال { المعدن جبار ، وفي الركاز الخمس } فغاير بينهما ، وذكر مسلم صاحب الصحيح هذا الخبر في الأخبار التي استنكرها أهل العلم على عمرو بن شعيب وقال : الصحيح المشهور عن النبي صلى الله عليه وسلم { أنه أوجب الخمس في الركاز فقط } ، ولا علمنا أحدا من علماء الأمصار صار إلى القول في اللقطة على حديث عمرو بن شعيب أنها على ضربين ، وقال : غرامة المثلين لم تنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم في خبر أحد علمناه غير عمرو بن شعيب ، ورواه البيهقي وقال : ليس بالقوي ، والله سبحانه أعلم .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية