الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وأما الدين فهل يقوم ويزكي ؟ أم لا يلزمه حتى ينض له ولو درهم واحد ؟ فيه عن ( م ) روايتان ، ولا يصير العرض للتجارة إلا أن يملكه بفعله وينوي أنه للتجارة عند تملكه ، فإن ملكه بفعله ولم ينو التجارة ، أو ملكه بإرث ، أو كان عنده عرض للقنية فنواه للتجارة ، لم يصر للتجارة . وهذا ظاهر المذهب ( و ) ; لأن مجرد النية لا ينقل عن الأصل ، كنية إسامة المعلوفة ، ونية الحاضر للسفر .

                                                                                                          ونقل صالح وابن إبراهيم وابن منصور أن العرض يصير للتجارة بمجرد النية ، اختاره أبو بكر وابن عقيل ، وجزم به في التبصرة والروضة ، لخبر سمرة ، ولا يعتبر فيما ملكه بفعله المعاوضة ، هذا الأشهر ، واختاره في الخلاف ، لخبر سمرة ، ولأنه يفعله كغيره واختار في المجرد : يعتبر المعاوضة ( و ش ) تمحضت كبيع وإجارة أو لا ، كنكاح وخلع وصلح عن دم عمد ، قال صاحب المحرر وهو نصه في رواية ابن منصور ; لأن الغنيمة والاحتشاش والهبة ليس من جهات التجارة كالموروث ، وعن الحنفية كهذا والذي قبله ، وعنه : يعتبر كون العرض نقدا ( و م ) ذكره أبو المعالي ، لاعتبار النصاب بهما ، فيعتبر أصل وجودهما ، وذكر ابن عقيل [ ص: 506 ] رواية فيما إذا ملك عرضا للتجارة بعرض قنية لا زكاة فيه [ فهي ] كهذه الرواية .

                                                                                                          وقال بعضهم : يخرج منها اعتبار كون بدله نقدا أو عرض تجارة .

                                                                                                          وفي الرعاية : إن ملكه بلا عوض كوصية ونكاح وخلع وغنيمة واحتطاب فوجهان ، وإن لم يكن ما ملكه بفعله عين مال بل منفعة عين وجبت الزكاة ، وقيل : لا ، كما لو نواها بدين حال ، وإن باع عرض قنية ثم استرده ناويا به التجارة صار للتجارة ولو استرده لعيب ثمنه المعين ; لأنه يملكه باختياره ، بخلاف ما لو رده عليه لعيب فيه . ومثله عرض تجارة باعه بعرض قنية ثم رده عليه لعيب فيه ; لأنه كموروث .

                                                                                                          وذكر بعضهم خلافا أظنه أبو المعالي فيما ملكه بفسخ ، هل يصير للتجارة بنية التجارة ؟ فإن الفسخ في عرض تجارة يصير للتجارة .

                                                                                                          وقال : إن المضارب إذا اشترى طعاما لعبيد التجارة ولا نية صار للتجارة ، للقرينة ، لا لرب المال كذا قال . قال : وإن ملك بفعله بلا نية بعرض تجارة عرضا صار للتجارة ، وقيل : ليس قنية عند بائعه ، والقول الذي قبل هذا أظهر ، وأظنه المذهب ; لأن نية التجارة لم يقطعها ، وسبق كلام الأصحاب ، والله أعلم ، لكن لو قتل ، عبد تجارة خطأ ، فصالح على مال ، صار للتجارة ، وكذا لو كان عمدا وقلنا الواجب أحد شيئين ، وإلا لم يصر للتجارة إلا بنية ، ولو تخمر عصير التجارة ثم تخلل عاد حكم التجارة ، ولو ماتت ماشية التجارة فدبغ جلودها وقلنا تطهر فهي عرض تجارة .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية