الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3183 34 - حدثني أحمد بن سعيد أبو عبد الله ، حدثنا وهب بن جرير ، عن أبيه ، عن أيوب ، عن عبد الله بن سعيد بن جبير ، عن أبيه ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : يرحم الله أم إسماعيل لولا أنها عجلت لكان زمزم عينا معينا .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للباب الذي تقدم ظاهرة ; لأنه في قضية إبراهيم عليه السلام ، وحديث ابن عباس هذا أخرجه البخاري من ثلاث طرق ، وهذا هو الأول ، ورجاله سبعة :

                                                                                                                                                                                  الأول : أحمد بن سعيد بن إبراهيم أبو عبد الله المروزي المعروف بالرباطي .

                                                                                                                                                                                  الثاني : وهب بن جرير الأزدي البصري أبو العباس .

                                                                                                                                                                                  الثالث : أبوه جرير بفتح الجيم ابن حازم بن زيد أبو النصر الأزدي البصري .

                                                                                                                                                                                  الرابع : أيوب السختياني .

                                                                                                                                                                                  الخامس : عبد الله بن سعيد بن جبير الأسدي الكوفي .

                                                                                                                                                                                  السادس : أبوه سعيد بن جبير بن هشام الأسدي الفقيه الورع .

                                                                                                                                                                                  السابع : عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر الاختلاف الواقع في هذا الإسناد ) هذا الحديث رواه ابن السكن والإسماعيلي من طريق حجاج بن الشاعر ، عن وهب بن جرير ، عن أبيه ، عن أيوب ، عن عبد الله بن سعيد بن جبير ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، عن أبي بن كعب ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وزاد في روايتهما أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه .

                                                                                                                                                                                  ورواه النسائي عن أحمد بن سعيد شيخ البخاري المذكور ، عن وهب بن جرير ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن أبي بن كعب إلى آخره فأسقط عبد الله بن سعيد بن جبير ، وزاد أبي بن كعب .

                                                                                                                                                                                  ورواه النسائي أيضا عن أبي داود سليمان بن سعيد ، عن علي بن المديني ، عن وهب به.

                                                                                                                                                                                  وفيه قلت لأبي حماد : لا تذكر أبي بن كعب ولا ترفعه ، وقال : أنا أحفظ كذا وكذا ، حدثني به أيوب قال وهب : وحدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن عبد الله بن سعيد ، عن أبيه ، عن ابن عباس نحوه ، ولم يذكر أبي بن كعب ولم يرفعه ، قال وهب : فأتيت سلام بن أبي مطيع فحدثني بهذا الحديث عن حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن عبد الله بن سعيد ، فرد ذلك ردا شديدا ، ثم قال لي : فأبوك ما يقول ؟ قلت : أبي يقول أيوب عن سعيد فقال : العجب والله ما يزال الرجل من أصحابنا الحافظ قد غلط ، إنما هو أيوب عن عكرمة بن خالد عن سعيد بن جبير .

                                                                                                                                                                                  وقال أبو مسعود : رأيت جماعة اختلفوا على وهب بن جرير في هذا الإسناد ، قال الجياني : لم يذكر أبو مسعود إلا هذا ، وأنا أذكر ما انتهى إلي من الخلاف على وهب ، وعلى غيره في هذا الإسناد ، فرواه عن حجاج عن وهب به بزيادة أبي بن كعب ، ثم رواه من طريق البخاري بإسقاطه ، ورواه علي بن المديني عنه بإثباته ، ورواه حماد بن زيد ، عن أيوب فلم يذكره ، ولا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                                                                                                                  ورواه ابن علية عن أيوب فقال : نبئت عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : أول من سعى بين الصفا والمروة الحديث بطوله نحوا مما رواه معمر عن أيوب عن سعيد.

                                                                                                                                                                                  وفيه قصة زمزم ، ورواه سلام بن أبي مطيع ، عن أيوب ، عن عكرمة بن خالد ، ولم يذكر ابن جبير قال أبو علي : وكيف يصح هذا ، وفيه من الخلاف ما عرفت ؟ فنقول : إذا ميزه الناظر ميز منه ما ميزه البخاري ، وحكم بصحته ، وعلم أن الخلاف الظاهر فيه إنما يعود إلى وفاق ، وأنه لا يدفع بعضه بعضا ، والاختلاف إذا كان دائرا على ثقات حفاظ لا يضر فلا يلتفت إلى عيب [ ص: 253 ] الإسماعيلي على البخاري إخراجه رواية أيوب لاضطرابها ، ولا يلتفت أيضا إلى إنكار سلام بن أبي مطيع على كون مخرج الحديث عن سعيد رواه عن عكرمة ; لأنه ليس من حمال المحابر .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر معناه ) قوله : " رحم الله أم إسماعيل " هي هاجر ، وقصتها ملخصة ما ذكره السدي أن سارة زوج إبراهيم عليهما الصلاة والسلام حلفت أن لا تساكن هاجر ، فحملها إبراهيم وإسماعيل معها إلى مكة على البراق ، ومكة إذ ذاك عضاه ، وسلم وسمر وموضع البيت يومئذ ربوة فوضعهما موضع الحجر ، ثم انصرف ، فاتبعته هاجر فقالت : إلى من تكلنا فالله أمرك بهذا ؟ قال : نعم ، فقالت : إذن لا يضيعنا ، ثم انصرف راجعا إلى الشام ، وكان مع هاجر شنة ماء ، وقد نفد ، فعطشت وعطش الصبي ، فقامت وصعدت الصفا ، فتسمعت هل تسمع صوتا أو ترى إنسانا فلم تسمع صوتا ولم تر أحدا ، ثم ذهبت إلى المروة ، فصعدت عليها ، وفعلت مثل ذلك فلم تزل تسعى بينهما حتى سعت سبع مرات ، وأصل السعي من هذا ، ثم سمعت صوتا فجعلت تدعو اسمع أيل ، يعني اسمع يا الله قد هلكت وهلك من معي ، فإذا هي بجبريل عليه السلام فقال لها : من أنت ؟ قالت : سرية إبراهيم تركني وابني هاهنا ، قال : إلى من وكلكما ؟ قالت : إلى الله تعالى قال : وكلكما إلى كاف ، ثم جاء بهما إلى موضعزمزم ، فضرب بعقبه ، ففارت عينا ، فلذلك يقال لزمزم : ركضة جبريل عليه السلام ، فلما نبع الماء أخذت هاجر شنتها وجعلت تستقي فيها تدخره ، وهي تفور ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يرحم الله أم إسماعيل ، لولا أنها عجلت لكانت زمزم عينا معينا ، وهو بفتح الميم : أي سائلا جاريا على وجه الأرض ، يقال : عين معين : أي ذات عين جارية ، والقياس أن يقال : معينة ، والتذكير إما حملا على اللفظ ، أو لوهم أنه فعيل بمعنى مفعول ، أو على تقدير ذات معين ، وهو الماء يجري على وجه الأرض .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية