الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ شعر حسان في فتح مكة ]

وكان مما قيل من الشعر في يوم الفتح قول حسان بن ثابت الأنصاري [ ص: 422 ] : [ ص: 423 ]


عفت ذات الأصابع فالجواء إلى عذراء منزلها خلاء     ديار من بني الحسحاس قفر
تعفيها الروامس والسماء     وكانت لا يزال بها أنيس
خلال مروجها نعم وشاء     فدع هذا ، ولكن من لطيف
يؤرقني إذا ذهب العشاء     لشعثاء التي قد تيمته
فليس لقلبه منها شفاء     كأن خبيئة من بيت رأس
يكون مزاجها عسل وماء     إذا ما الأشربات ذكرن يوما
فهن لطيب الراح الفداء     ن‏‏وليها الملامة إن ألمنا
إذا ما كان مغث أو لحاء     ونشربها فتتركنا ملوكا
وأسدا ما ينهنهنا اللقاء     عدمنا خيلنا إن لم تروها
تثير النقع موعدها كداء     ينازعن الأعنة مصغيات
على أكتافها الأسل الظماء     تظل ، جيادنا متمطرات
يلطمهن بالخمر النساء     فإما تعرضوا عنا اعتمرنا
وكان الفتح : وانكشف الغطاء     وإلا فاصبروا لجلاد يوم
يعين الله فيه من يشاء     وجبريل رسول الله فينا
وروح القدس ليس له كفاء     وقال الله قد أرسلت عبدا
يقول الحق إن نفع البلاء     شهدت به فقوموا صدقوه
فقلتم لا نقوم ولا نشاء     وقال الله قد سيرت جندا
هم الأنصار عرضتها اللقاء     لنا في كل يوم من معد
سباب أو قتال أو هجاء     فنحكم بالقوافي من هجانا
ونضرب حين تختلط الدماء     ألا أبلغ أبا سفيان عني
مغلغلة فقد برح الخفاء     بأن سيوفنا تركتك عبدا
وعبد الدار سادتها الإماء     هجوت محمدا وأجبت
عنه وعند الله في ذاك الجزاء     أتهجوه ولست له بكفء
فشركما لخيركما الفداء     هجوت مباركا برا حنيفا
أمين الله شيمته الوفاء     أمن يهجو رسول الله منكم
ويمدحه وينصره سواء ؟     فإن أبي ووالده وعرضي
لعرض محمد منكم وقاء     لساني صارم لا عيب فيه
وبحري لا تكدره الدلاء



قال ابن هشام : [ ص: 424 ] قالها حسان يوم الفتح . ويروى : لساني صارم لا عتب فيه وبلغني عن الزهري أنه قال : لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء يلطمن الخيل بالخمر تبسم إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية