الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 98 ] ( ومن دخل الحرم بصيد فعليه أن يرسله فيه إذا كان في يده ) خلافا للشافعي رحمه الله ، فإنه يقول : حق الشرع لا يظهر في مملوك العبد لحاجة العبد . ولنا أنه لما حصل في الحرم وجب ترك التعرض لحرمة الحرم إذ صار هو من صيد الحرم فاستحق الأمن لما روينا ( فإن باعه ( من دخل الحرم بصيد ) رد البيع فيه إن كان قائما ) ; لأن البيع لم يجز لما فيه من التعرض للصيد وذلك حرام ( وإن كان فائتا فعليه الجزاء ) ; لأنه تعرض للصيد بتفويت الأمن الذي استحقه ( وكذلك بيع المحرم الصيد من محرم أو حلال ) لما قلنا .

التالي السابق


( قوله : ومن دخل الحرم بصيد ) أي وهو حلال حتى يظهر خلاف الشافعي رحمه الله ، فإنه لو كان محرما وجب إرساله بمجرد الإحرام اتفاقا . ( قوله : خلافا للشافعي ) قاسه على الاسترقاق فإن الإسلام يمنعه حقا لله تعالى ولا يرفعه ، حتى إذا ثبت حال الكفر ثم طرأ الإسلام لا يرتفع ، علم من هذا أن حق الشرع لا يظهر في مملوك العبد بعد تقرر ملكه بطريقه تفضلا منه تعالى لحاجة العبد وغناه : وهذا كذلك ، وهذا ما ذكره المصنف . وحاصله تقرير الجامع وترك المقيس عليه ، وتلخيصه مملوك للعبد بطريق صحيح فلا يظهر فيه حق الشرع ، وإن كان يمنعه في هذه الحالة إذا لم يكن تحقق كالاسترقاق ، ولك في اعتبار القياس أن تجعله ملك الصيد على الاسترقاق أو الصيد المملوك على المرقوق . ( قوله : ولنا إلخ ) حقيقته أنه استدلال بالنص فيقدم على القياس .

تقريره : هذا صيد الحرم وما كان كذلك لا يحل التعرض له بالنص فهذا لا يحل التعرض له بالنص . أما الأولى فلأنه ليس يراد بصيد الحرم إلا ما كان حالا فيه . وأما الثانية فلإطلاق النص المذكور من السنة ولم يوجد مثله في الرق بل ثبت شرعا بقاؤه بعد الإسلام بل عداه إلى أولاد الإماء من أزواجهن ، وإن لم يتصف الزوج بالكفر قط ، ويمكن كون سر هذا الفرق التغليظ على من أمر فخالف ; لأن الرق حكم هذه المخالفة ، بخلاف من لم يخالف ، وهو الصيد ( قوله : فإن باعه ) يعني بعدما أدخله الحرم ( رد البيع فيه إن كان قائما ) ووجبت قيمته إن كان هالكا سواء باعه في الحرم أو بعدما أخرجه إلى الحل ; لأنه صار بالإدخال من صيد الحرم فلا يحل إخراجه بعد ذلك . ولو تبايع الحلالان وهما في الحرم الصيد وهو في الحل جاز عند أبي حنيفة خلافا لمحمد ; لأنه ليس بتعرض يتصل به بساحل حكما ، وليس هو بأبلغ من أمره بذبح هذا الصيد ، [ ص: 99 ] بخلاف ما لو رماه من الحرم للاتصال الحسي .




الخدمات العلمية