الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المكتبة الإسلامية

الرئيسية
المكتبة الإسلامية

فهرس الكتاب

- مقدمة الكتاب

الفن الأول قول في القواعد الكلية

الفن الثاني من الأشباه والنظائر وهو فن الفوائد

الفن الثالث من الأشباه والنظائر وهو فن الجمع والفرق

الفن الرابع من الأشباه والنظائر وهو فن الألغاز

الفن الخامس من الأشباه والنظائر وهو فن الحيل وفيه فصول

الفن السادس من الأشباه والنظائر وهو فن الفروق

الفن السابع من الأشباه والنظائر الحكايات والمراسلات

الأشباه والنظائر على مذاهب أبي حنيفة النعمان

ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

صفحة

جزء

32 - أنفق على أقاربه بنية الزكاة جاز إلا إذا حكم عليه بنفقتهم ، [ ص: 62 ] وتحل الصدقة لمن له غلة عقار لا تكفيه وعياله سنة ، ومن معه ألف وعليه مثلها كره له الأخذ وأجزأ الدافع ، ولو له قوت سنة يساوي نصابا أو كسوة شتوية لا يحتاج إليها في الصيف ، فالصحيح حل الأخذ

التالي السابق

عرض الحاشية

( 32 ) قَوْلُهُ : أَنْفَقَ عَلَى أَقَارِبِهِ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ جَازَ إلَخْ . فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ : رَجُلٌ يَعُولُ أُخْتَهُ أَوْ أَخَاهُ أَوْ عَمَّهُ فَأَرَادَ أَنْ يُعْطِيَهُ الزَّكَاةَ فَإِنْ لَمْ يَفْرِضْ الْقَاضِي عَلَيْهِ النَّفَقَةَ جَازَ ، لِأَنَّ التَّمْلِيكَ مِنْ هَؤُلَاءِ بِصِفَةِ الْقُرْبَةِ يَتَحَقَّقُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَيَتَحَقَّقُ رُكْنُ الزَّكَاةِ ، وَإِنْ فَرَضَ لِزَمَانِهِ إنْ لَمْ يَحْتَسِبْ مِنْ نَفَقَتِهِمْ جَازَ ، وَإِنْ كَانَ يَحْتَسِبُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ هَذَا أَدَاءُ [ ص: 62 ] الْوَاجِبِ عَنْ وَاجِبٍ آخَرَ ( انْتَهَى ) .

وَفِي جَامِعِ الْبَزَّازِيِّ : قَضَى بِنَفَقَةِ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَكَسَاهُ وَأَطْعَمَهُ يَنْوِي بِهِ الزَّكَاةَ صَحَّ عِنْدَ الْقَانِيِّ . وَفِي الْخَانِيَّةِ : رَجُلٌ لَهُ أَخٌ قَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِنَفَقَتِهِ فَكَسَاهُ وَأَطْعَمَهُ يَنْوِي بِهِ الزَّكَاةَ يَجُوزُ فِي الْكِسْوَةِ وَلَا يَجُوزُ فِي الْإِطْعَامِ وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ فِي الْإِطْعَامِ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ ( انْتَهَى ) .

وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الْمُخَالَفَةِ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ نَقْلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ : إذَا كَانَ الرَّجُلُ يَعُولُ صَبِيًّا يَتِيمًا فَجَعَلَ يَكْسُوهُ وَيُطْعِمُهُ وَيَدُهُ بِيَدِهِ وَيَحْتَسِبُ عِنْدَهُ مَا يَأْكُلُ عِنْدَ زَمَنِ الزَّكَاةِ لَا شَكَّ أَنَّ الْكِسْوَةَ تَجُوزُ بِطَرِيقِ الْقِيمَةِ لِأَنَّ مَا هُوَ الزَّكَاةُ وَهُوَ التَّمْلِيكُ يَتَحَقَّقُ فِيهَا ، وَفِي الْمُلْتَقَطِ : وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَأَمَّا الطَّعَامُ فَيَدْفَعُهُ إلَيْهِ يَجُوزُ بِطَرِيقِ الْقِيمَةِ أَيْضًا لِمَا قُلْنَا : وَمَا يَأْكُلُهُ مَعَهُ بِطَرِيقِ الْإِبَاحَةِ وَالتَّمْكِينِ فَعَلَى قَوْلِ الثَّانِي يَجُوزُ بِطَرِيقِ الْقِيمَةِ أَيْضًا ، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ . وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ الْمُلْتَقَطِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ فِي الطَّعَامِ دُونَ الْكِسْوَةِ فَكَانَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِمُوَافَقَتِهِ الْمُتُونِ . ( 33 ) قَوْلُهُ : وَتَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِمَنْ لَهُ غَلَّةُ عَقَارٍ لَا تَكْفِيهِ وَعِيَالِهِ سَنَةً إلَخْ . فِي الْبَزَّازِيَّةِ : لَهُ غَلَّةُ دَارٍ لَا يَسْكُنُهَا وَيُؤَاجِرُهَا أَوَّلًا ، أَوْ يَسْكُنُ بَعْضَهَا وَفَضْلُ الْبَاقِي عَنْ السُّكْنَى وَهُوَ يَبْلُغُ نِصَابًا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا النِّصَابِ لُزُومُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ وَالْأُضْحِيَّةِ وَنَفَقَةِ الْأَقَارِبِ وَحُرْمَةِ أَخْذِ الزَّكَاةِ

( 32 ) قوله : أنفق على أقاربه بنية الزكاة جاز إلخ . في الولوالجية : رجل يعول أخته أو أخاه أو عمه فأراد أن يعطيه الزكاة فإن لم يفرض القاضي عليه النفقة جاز ، لأن التمليك من هؤلاء بصفة القربة يتحقق من كل وجه فيتحقق ركن الزكاة ، وإن فرض لزمانه إن لم يحتسب من نفقتهم جاز ، وإن كان يحتسب لا يجوز لأن هذا أداء [ ص: 62 ] الواجب عن واجب آخر ( انتهى ) .

وفي جامع البزازي : قضى بنفقة ذي رحم محرم فكساه وأطعمه ينوي به الزكاة صح عند القاني . وفي الخانية : رجل له أخ قضى القاضي عليه بنفقته فكساه وأطعمه ينوي به الزكاة يجوز في الكسوة ولا يجوز في الإطعام وقول أبي يوسف في الإطعام ظاهر الرواية ( انتهى ) .

ولا يخفى ما فيه من المخالفة لما ذكره المصنف في شرح الوهبانية نقلا عن الذخيرة : إذا كان الرجل يعول صبيا يتيما فجعل يكسوه ويطعمه ويده بيده ويحتسب عنده ما يأكل عند زمن الزكاة لا شك أن الكسوة تجوز بطريق القيمة لأن ما هو الزكاة وهو التمليك يتحقق فيها ، وفي الملتقط : وعليه الفتوى وأما الطعام فيدفعه إليه يجوز بطريق القيمة أيضا لما قلنا : وما يأكله معه بطريق الإباحة والتمكين فعلى قول الثاني يجوز بطريق القيمة أيضا ، وعلى قول محمد لا يجوز . وقد تقدم عن الملتقط أن الفتوى على قول محمد رحمه الله من عدم الإجزاء في الطعام دون الكسوة فكان هو المعتمد لموافقته المتون . ( 33 ) قوله : وتحل الصدقة لمن له غلة عقار لا تكفيه وعياله سنة إلخ . في البزازية : له غلة دار لا يسكنها ويؤاجرها أولا ، أو يسكن بعضها وفضل الباقي عن السكنى وهو يبلغ نصابا يتعلق بهذا النصاب لزوم صدقة الفطر والأضحية ونفقة الأقارب وحرمة أخذ الزكاة