الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القراءة .

ثم يبتدئ بدعاء الاستفتاح وحسن أن يقول عقب قوله " الله أكبر ": الله أكبر كبيرا ، والحمد لله كثيرا ، وسبحان الله بكرة وأصيلا ، وجهت وجهي إلى قوله : وأنا من المسلمين ، ثم يقول : سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك ، اسمك وتعالى جدك وجل ثناؤك ، ولا إله غيرك ، ليكون جامعا بين متفرقات ما ورد في الأخبار .

التالي السابق


(القراءة)

وهو الركن الثالث، اعلم أن لذكر القراءة سنتين سابقتين، وأخريين لاحقتين؛ أما السابقتان فأولاهما دعاء الاستفتاح، وإليه أشار المصنف بقوله: (ثم يبتدئ بدعاء الاستفتاح) ، ويطلق على كل واحد من الذكرين: "وجهت" و"سبحانك اللهم"، كذا قاله الرافعي، وسياق المصنف يشعر أنه يطلق على غيرهما أيضا، وهو قوله: الله أكبر كبيرا حيث قال: (وحسن أن يقول عقب قوله "الله أكبر": الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا، وجهت وجهي إلى قوله: وأنا من المسلمين، ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك، تبارك اسمك وتعالى جدك، ولا إله غيرك، ليكون جامعا بين متفرقات ما ورد من الأخبار) ؛خلافا لمالك حيث قال: لا يستفتح بعد التكبير إلا بالفاتحة والدعاء والتعوذ، يقدمهما على التكبير، ولأبي حنيفة وأحمد حيث قالا: يستفتح بقوله: سبحانك اللهم، إلخ. وقول المصنف ليكون جامعا، إلخ .

ومثله في "القوت"، وفي "الأذكار" للنووي بعد أن ذكر الأدعية المذكورة، قال: فيستحب الجمع بينها كلها، وقال الحافظ في "تخريج الأذكار" .

قلت: لم يرد بذلك حديث، وقد استحب الجمع بين "وجهت" و"سبحانك" أبو يوسف صاحب أبي حنيفة، وأبو إسحاق المروزي من كبار الشافعية، وبوب البيهقي لذلك، وأورد فيه حديثا عن جابر سيأتي ذكره، اهـ .

قلت: وقال الرافعي : وذكر بعض الأصحاب أن السنة في الاستفتاح أن يقول: سبحانك اللهم، إلخ، ثم يقول: وجهت وجهي إلخ، جمعا بين الأخبار، ويحكي هذا عن أبي إسحاق المروزي وأبي حامد وغيرهما، اهـ .

فعلم من ذلك أن غير أبي إسحاق من الشافعية أيضا يرى ذلك، ولنعد إلى تخريج ما أورده المصنف من الأذكار الثلاثة، فنقول: قال النووي في "الأذكار": اعلم أنه جاءت أحاديث كثيرة يقتضي مجموعها أن يقول: الله أكبر كبيرا، إلخ، قال الحافظ: جميع ما ذكر من ثلاثة أحاديث أخرجها مسلم، وأخرج البخاري الثالث منها فقط، الأول حديث ابن عمر قال: "بينما نحن نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ قال رجل من القوم: الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا، فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم من صلاته قال: من القائل كذا وكذا؟ فقال رجل من القوم: أنا يا رسول الله، فقال: لقد رأيت أبواب السماء قد فتحت لها، قال ابن عمر، فما تركت منذ سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرجه مسلم عن أبي خيثمة زهير بن حرب، والترمذي عن أحمد بن إبراهيم الدورقي، والنسائي عن محمد بن شجاع، ثلاثتهم عن إسماعيل بن إبراهيم، وهو المعروف بابن علية عن الحجاج بن أبي عثمان عن أبي الزبير عن عون بن عبد الله بن عتبة عن عمر، وأخرجه أيضا [ ص: 43 ] أحمد عن ابن علية. الثاني حديث علي بن أبي طالب، وهو الذي أورده الرافعي قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة قال: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك، ظلمت نفسي واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعا لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك، والخير كله في يديك، والشر ليس إليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك" .

أخرجه مسلم عن أبي خيثمة زهير بن حرب، عن عبد الرحمن بن مهدي، وأخرجه أيضا عن إسحاق بن إبراهيم، عن أبي النضر هاشم بن القاسم، وأخرجه أبو داود عن عبيد الله بن معاذ عن أبيه، وأخرجه الترمذي عن الحسن بن علي الخلال عن أبي الوليد الطيالسي، وعن محمود بن غيلان، عن أبي داودالطيالسي ببعضه، وأخرجه ابن خزيمة عن محمد بن يحيى عن حجاج بن المنهال، وعبد الله بن صالح وأحمد بن خالد، وأخرجه الطحاوي عن الحسين بن نصر عن يحيى بن حسان .

وأخرجه ابن حبان من رواية سويد بن عمرو، وأخرجه الطبراني في الدعاء من رواية عبد الله بن رجاء، وحجاج بن المنهال، وأبي عتاب مالك بن إسماعيل، وأخرجه أبو نعيم في المستخرج من رواية عاصم بن علي، وأبي داود، والطيالسي، وأخرجه الدارمي في "السنن" عن يحيى بن حسان، كلهم -وهم ثلاث عشرة نفسا- عن عبد العزيز بن أبي سلمة عن عمه يعقوب بن الماجشون، عن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي، ووقع في رواية سويد بن عمر، وفي أوله: "إذا قام إلى الصلاة المكتوبة". ومثله للبيهقي من وجه آخر عن الأعرج، وأخرجه الشافعي عن مسلم بن خالد وعبد المجيد بن أبي داود، كلاهما عن ابن جريج عن موسى بن عقبة، عن الأعرج، وزاد فيه: سبحانك وبحمدك، بعد قوله: لا إله إلا أنت، وفيه أيضا: والمهدي من هديت، بعد قوله: في يدك، ووقع في رواية البيهقي من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد عن موسى بن عقبة من الزيادة بعد قوله: "لبيك وسعديك": أنا بك وإليك، لا ملجأ منك إلا إليك"، وقد روي بمثل حديث علي عن جابر أيضا، ولفظه: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة كبر، ثم قال: إن صلاتي ونسكي، إلى قوله: أول المسلمين، اللهم اهدني لأحسن الأعمال والأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، وقني سيئ الأعمال والأخلاق، لا يقي سيئها إلا أنت". هكذا أخرجه النسائي وابن جوصا في المسند عن عمرو بن عثمان، عن أبي صعوة عن شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، وهكذا أخرجه الطبراني من طريقين عن عمرو بن عثمان.



(تنبيه) :

قول المصنف: وأنا من المسلمين، مع كونه مخالفا لما في سياق الآية، أشار به إلى ما اختاره الشافعي رضي الله عنه، وله فيه طريقان تشكيكا وجزما، أما الأول، رواه عن مسلم بن خالد وغيره من الشيوخ، كلهم عن ابن جريج عن موسى بن عقبة، فذكر الحديث وأوله: "كان إذا افتتح الصلاة"، وقال بعضهم: "كان إذا ابتدأ الصلاة يقول: وجهت وجهي". فذكره بلفظ: "وأنا أول المسلمين". قال: وشككت بأن أحدهم قال: وأنا من المسلمين، والمحفوظ في حديث علي عند مسلم وأبي داود، وغيرهما من الأئمة ما يدل صريحا على أنه على وفق الآية، وأن من ذكره بلفظ: من المسلمين، أراد المناسبة لحال من بعد النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال الشافعي بعد أن أخرجه على الترديد في اللفظين: أحب أن يقول: وأنا من المسلمين، بدل: وأنا أول المسلمين، أما وروده جزما فقد أخرجه الطبراني في الدعاء من طريق هشام بن سليمان عن ابن جريج، كذلك، وقال في روايته: حنيفا مسلما، ووقع كذلك في رواية الماجشون عن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي، أخرجه مسلم والترمذي والمعمري في "اليوم والليلة"، والبزار والطبراني في الدعاء، كلهم من طرق عن يوسف بن يعقوب الماجشون عن أبيه [ ص: 44 ] عن الأعرج، ولا يخفى أن حمل كلام الشافعي "وأنا أحب، إلخ" على هذا أولى من التشكيك والترديد، فتأمل. فهذان الحديثان هما اللذان أخرجهما مسلم، وذكرهما المصنف .

وأما الحديث الثالث الذي أخرجه البخاري في هذا الباب فسيأتي ذكره في الآخر، وأما قول المصنف: ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك، إلخ، فقد روي ذلك من حديث أبي الجوزاء عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة قال: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك". أخرجه الحاكم عن الأصم عن العباس الدوري، وأبو داود عن حسين بن عيسى، كلاهما عن طلق بن غانم عن عبد السلام بن حرب، عن بديل بن ميسرة، عن أبي الجوزاء، قال الحاكم: وهو صحيح على شرط الشيخين، وقد نوزع فيه، وقد روى حارثة بن محمد عن عمرة عن عائشة بلفظ: "كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه، فيكبر، ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك"، فذكر مثل الأول، أخرجه أحمد عن أبي معاوية عن حارثة بن محمد .

قال العراقي: وهو متفق على ضعفه، وأخرجه الترمذي عن الحسن بن عرفة، وابن ماجه عن علي بن محمد الطنافسي، وعبد الله بن عمران، وابن خزيمة في صحيحه عن مسلم بن جنادة، كلهم عن أبي معاوية بالسند المذكور، وله طريق أخرى عن عائشة ضعيفة، ساقها البيهقي في الخلاف، والطبراني في "الدعاء"، والدارقطني في "السنن" من طريق عطاء بن أبي رباح، عنها، وفي سند الجميع سهل بن عامر وهو متروك. قال الحافظ: وقد روي موقوفا على عطاء، رواه السلفي من طريق أبي عن الأحوص الحسن بن عبد الملك، قال: سأل رجل عطاء بن أبي رباح، فقال: كيف أقول إذا افتتحت الصلاة؟ قال: سبحانك اللهم وبحمدك، فذكر مثله، قال: وهذا يشعر بأن لهذا المرفوع أصلا، وفي الباب عن أبي سعيد الخدري قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة كبر، ثم قال: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك". أخرجه الترمذي والنسائي جميعا عن محمد بن موسى، والدارقطني من رواية إسحاق بن أبي إسرائيل، والطبراني في الدعاء من رواية عبد الرزاق والحسن بن الربيع، وعبد السلام بن مطهر، وابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن زيد بن الحباب، والنسائي أيضا عن عبيد الله بن فضالة عن عبد الرزاق، والدارمي عن زكريا بن عدي، ستتهم عن جعفر بن سليمان الضبعي عن علي بن علي الرفاعي، وكان يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم، عن أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري، وأخرجه البيهقي من وجه آخر عن أبي سعيد . قال الترمذي : حديث أبي سعيد أشهر شيء في هذا الباب، وبه يقول أكثر أهل العلم اهـ .



وقد روي الاستفتاح بسبحانك اللهم عن جماعة من الصحابة مرفوعا وموقوفا منهم ابن مسعود، أخرج حديثه الطبراني في الدعاء بسندين إليه، وأشار البيهقي إلى أنه من رواية أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه، ومنهم أنس بن مالك، أخرج حديثه أبو يعلى والدارقطني، والطبراني، كلهم من رواية حميد عنه، والطبراني أيضا من وجه آخر عن أنس من غير رواية حميد، ومنهم واثلة بن الأسقع، والحكم بن عمير، وعمرو بن العاص، أخرج حديثهم الطبراني في "المعجم الكبير"، ومنهم جابر بن عبد الله، أخرج حديثه البيهقي بسند جيد، ومنهم عمر بن الخطاب، روي عنه موقوفا ومرفوعا، أما الأول: فأخرج الحاكم من طريق شعبة عن الحكم عن عتيبة عن إبراهيم النخعي، عن الأسود بن يزيد "أن عمر رضي الله عنه حين افتتح الصلاة كبر، ثم قال: سبحانك اللهم، إلى، ولا إله غيرك". وأخرجه الدارقطني من رواية أبي معاوية ومحمد بن فضيل، وحفص بن غياث، ثلاثتهم عن الأعمش، زاد ابن فضيل: وعن حصين بن عبد الرحمن، كلاهما عن إبراهيم النخعي، فذكر مثله. وزاد هارون بن إسحاق أحد رواته عن محمد بن فضيل في روايته: "يسمعنا ذلك ليعلمنا" قال الدارقطني : هذا صحيح عن عمر من قوله .

وأما الثاني -أي رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم- فأخرجه الدارقطني أيضا من رواية عبد الرحمن بن عمرو بن شيبة عن أبيه، عن نافع عن ابن عمر عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ورواه يحيى بن أيوب عن عمر [ ص: 45 ] ابن شيبة عن نافع عن ابن عمر موقوفا على عمر، وهو الصواب .



(تنبيه) :

في تفسير دعاء الاستفتاح، وقد روي عن أبي حنيفة أنه إن قال: سبحانك اللهم وبحمدك، من غير واو، فقد أصاب الجواز، ونقل الحلواني عن مشايخه: إن قال: وجل ثناؤك لم يمنع، وإن سكت لم يؤمر، ولا يزيد على هذا في الفرض، وتقدم أن أبا يوسف يرى الجمع بينه وبين دعاء التوجه، وأنه يبدأ بأيهما شاء، واستدل بحديث جابر المتقدم، قلنا: إنه محمول على حالة التهجد، والأمر فيه واسع، وإذا قرأ التوجه في صلاة الليل وغيرها من النوافل فمخير بين أن يقول: وأنا أول المسلمين، وبين أن يقول: وأنا من المسلمين، على الأصح، فإذا علمت ذلك فاعلم أن معنى قوله "سبحانك اللهم": إني أسبحك بجميع آلائك، وقوله: "وبحمدك": أي نحمدك بحمدك، ولك الحمد على ما وفقتني من التسبيح، والتسبيح إثبات صفات الكمال لله تعالى، والحمد إظهارها، وبهذا يظهر وجه تقديم أحدهما على الآخر، وهو في المعنى عطف الجملة على الجملة، فحذفت الثانية، وهي قوله: لك الحمد، كالأولى، وهي قوله: نحمدك، وأبقي حرف العطف داخلا على متعلق الجملة الأولى مرادا به الدلالة على الحالية من الفاعل، فهو في موضع نصب على الحالية منه، فكأنه إنما أبقي ليشعر بأنه قد كان هنا جملة طوي ذكرها إيجازا، على أنه لو حذف حرف العطف كان جائزا، لا يخل بالمعنى المقصود، وعن الخطابي: أخبرني الحسن بن خلال قال: سألت الزجاج عن العلة في ظهور الواو في قوله "وبحمدك" فقال: سألت المبرد عما سألت عنه، وقال: سألت المازني عما سألتني عنه فقال: سبحانك اللهم بجميع آلائك، وبحمدك سبحتك، وقوله: تبارك اسمك، أي: دام، وتعالى اسمك بين الأسماء، وقيل: دام خير اسمك لدلالته على الذات السبوحية القدسية، و"تبارك" مطاوع بارك، لا يتصرف فيه، ولا ينصرف، ولا يستعمل إلا في الله تعالى، وقوله "وتعالى جدك" أي: ارتفع سلطانك أو عظمتك أو غناك عما سواك، وقوله: "ولا إله غيرك" أي: في الوجود، فأنت المعبود بحق، فبدأ بالتنزيه الذي يرجع إلى التوحيد، ثم ختم بالتوحيد ترقيا في الثناء على الله تعالى من ذكر النعوت السلبية، والصفات الثبوتية إلى غاية الكمال في الجلال والجمال، وسائر الأفعال، وهو الانفراد بألوهيته وما يختص به من الأحدية والصمدية، فهو الأول والآخر، والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم، وفي الباب أدعية أخرى للاستفتاح لم يذكرها المصنف، وقد نشير إليها لتمام الفائدة، فمن ذلك الحديث الذي أخرجه البخاري، وتقدم الوعد به، وهو من حديث أبي هريرة قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر في الصلاة سكت بين التكبير والقراءة إسكاتة.

وفي رواية: هنيهة، فقلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي، أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة، ما تقول؟ قال: أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسل خطاياي بالثلج والماء والبرد". أخرجه البخاري عن موسى بن إسماعيل، والدارمي عن بشر بن آدم، وأبو نعيم من رواية أبي كامل الجحدري، والعباس بن الوليد، أربعتهم عن عبد الواحد بن زياد، وأخرجه مسلم عن أبي كامل الجحدري، وأبي بكر بن أبي شيبة، قال عبد الواحد وابن أبي شيبة : حدثنا محمد بن فضيل، وأخرجه أحمد عن محمد بن فضيل، وعن جرير بن عبد الحميد، كلاهما عن عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، وأخرجه مسلم أيضا، والنسائي وابن خزيمة من رواية جرير، وأبو نعيم من رواية أبي بكر بن أبي شيبة، ومن ذلك ما رواه أبو إسحاق عن الحارث عن علي رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة قال: سبحانك، ظلمت نفسي وعملت سوءا، فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، وجهت وجهي" فذكره إلى قوله: "المسلمين". أخرجه البيهقي من طريق هشيم عن شعبة عن أبي إسحاق، والله أعلم .




الخدمات العلمية