الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : فلو كان أمره عليه السلام بالصلاة في مرابض الغنم دليلا على طهارة أبوالها وأبعارها ، كان نهيه عليه السلام عن الصلاة في أعطان الإبل دليلا على نجاسة أبوالها وأبعارها ، وإن كان نهيه عليه السلام عن الصلاة في أعطان الإبل ليس دليلا على نجاسة أبوالها ، فليس أمره عليه السلام بالصلاة في مرابض الغنم دليلا على طهارة أبوالها وأبعارها ، والمفرق بين ذلك متحكم بالباطل ، لا يعجز من لا ورع له عن أن يأخذ بالطرف الثاني بدعوى كدعواه . فإن قال : إنما نهى عن الصلاة في أعطان الإبل ، لأنها خلقت من الشياطين كما في الحديث قيل له : وإنما أمر بالصلاة في مرابض الغنم لأنها من دواب الجنة كما قد صح ذلك أيضا في الحديث ، فخرجت الطهارة والنجاسة من كلا الخبرين ، فسقط التعلق بهذا الخبر جملة . وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          [ ص: 175 ] وأما حديث أنس في أبوال الإبل وألبانها فلا حجة لهم فيه ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أباح للعرنيين شرب أبوال الإبل وألبان الإبل على سبيل التداوي من المرض ، كما روينا من طريق مسلم : ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا ابن علية عن حجاج بن أبي عثمان حدثني أبو رجاء مولى أبي قلابة عن أبي قلابة حدثني أنس بن مالك { أن نفرا من عكل ثمانية قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعوه على الإسلام ، فاستوخموا الأرض وسقمت أجسامهم ، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ألا تخرجون مع راعينا في إبله فتصيبون من أبوالها وألبانها فصحوا ، فقتلوا الراعي وطردوا الإبل } وذكر الحديث فصح يقينا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم بذلك على سبيل الدواء من السقم الذي كان أصابهم ، وأنهم صحت أجسامهم بذلك ، والتداوي بمنزلة ضرورة ، وقد قال تعالى : { وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه } فما اضطر المرء إليه فهو غير محرم عليه من المأكل والمشرب ، فإن قيل : قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رويتموه من طريق شعبة عن سماك عن علقمة بن وائل عن أبيه قال : { ذكر طارق بن سويد أو سويد بن طارق أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخمر فنهاه ثم سأله فنهاه ، فقال : يا نبي الله إنها دواء فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا ، ولكنها داء } وحديث يونس بن أبي إسحاق عن مجاهد عن أبي هريرة قال { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدواء الخبيث } . وما روي من طريق جرير عن سليمان الشيباني عن حسان بن المخارق عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم { إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم } . فهذا كله لا حجة فيه ; لأن حديث علقمة بن وائل إنما جاء من طريق سماك بن حرب وهو يقبل التلقين ، شهد عليه بذلك شعبة وغيره ، ثم لو صح لم يكن فيه حجة ; لأن فيه أن الخمر ليست دواء ، وإذ ليست دواء فلا خلاف بيننا في أن ما ليس دواء فلا يحل تناوله إذا كان حراما ، وإنما خالفناهم في الدواء ، وجميع الحاضرين لا [ ص: 176 ] يقولون بهذا ، بل أصحابنا والمالكيون يبيحون للمختنق شرب الخمر إذا لم يجد ما يسيغ أكله به غيرها ، والحنفيون والشافعيون يبيحونها عند شدة العطش . وأما حديث الدواء الخبيث فنعم وما أباحه الله تعالى عند الضرورة فليس في تلك الحال خبيثا ، بل هو حلال طيب ; لأن الحلال ليس خبيثا ، فصح أن الدواء الخبيث هو القتال المخوف ، على أن يونس بن أبي إسحاق الذي انفرد به ليس بالقوي .

                                                                                                                                                                                          وأما حديث { لم يجعل الله شفاءكم فيما حرم عليكم } فباطل لأن راويه سليمان الشيباني وهو مجهول .

                                                                                                                                                                                          وقد جاء اليقين بإباحة الميتة والخنزير عند خوف الهلاك من الجوع فقد جعل تعالى شفاءنا من الجوع المهلك فيما حرم علينا في غير تلك الحال ونقول : نعم إن الشيء ما دام حراما علينا فلا شفاء لنا فيه ، فإذا اضطررنا إليه فلم يحرم علينا حينئذ بل هو حلال ، فهو لنا حينئذ شفاء ، وهذا ظاهر الخبر . وقد قال الله تعالى فيما حرم علينا : { فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه } وقد قال تعالى : { وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه } وصح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { الحرير والذهب حرام على ذكور أمتي حلال لإناثها } وقال صلى الله عليه وسلم { : إنما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له في الآخرة } من الطرق الثابتة الموجبة للعلم . روى تحريم الحرير عمر وابنه وابن الزبير وأبو موسى وغيرهم ، ثم صح يقينا { أنه عليه السلام أباح لعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام لباس الحرير على سبيل التداوي من الحكة والقمل والوجع } ، فسقط كل ما تعلقوا به .

                                                                                                                                                                                          وأما قولهم : إن الأشياء على الإباحة بقوله تعالى : { وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه } وبقوله تعالى : { خلق لكم ما في الأرض جميعا } فصحيح ، وهكذا نقول : إننا إن لم نجد نصا على تحريم الأبوال جملة والأنجاء جملة ، وإلا فلا يحرم من ذلك شيء إلا ما أجمع عليه من بول ابن آدم ونجوه . كما قالوا : فإن وجدنا نصا في تحريم كل ذلك ووجوب اجتنابه ، فالقول بذلك واجب ، فنظرنا في ذلك فوجدنا ما حدثناه عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد ثنا إبراهيم بن أحمد البلخي ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا ابن سلام [ ص: 177 ] أخبرنا عبيدة بن حميد أبو عبد الرحمن عن منصور عن مجاهد عن ابن عباس { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع صوت إنسانين يعذبان في قبورهما فقال عليه السلام : يعذبان وما يعذبان في كبير وإنه لكبير ، كان أحدهما لا يستتر من البول ، وكان الآخر يمشي بالنميمة } وذكر الحديث .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : كل كبير فهو صغير بالإضافة إلى ما هو أكبر منه من الشرك أو القتل . ومن طريق البخاري : حدثنا محمد بن المثنى ثنا أبو معاوية الضرير هو محمد بن خازم ثنا الأعمش عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس قال { مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبرين فقال : إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير ، أما أحدهما فكان لا يستتر من البول ، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة } وذكر باقي الخبر . ورويناه أيضا من طريق أحمد بن حنبل عن محمد بن جعفر عن شعبة عن الأعمش ، ومن طريق وكيع عن الأعمش ، ومن طريق جرير وشعبة عن منصور بن المعتمر عن مجاهد .

                                                                                                                                                                                          حدثنا يونس عبد الله بن مغيث ثنا أبو عيسى بن أبي عيسى ثنا أحمد بن خالد ثنا ابن وضاح ثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن عفان بن مسلم ثنا أبو عوانة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أكثر عذاب القبر في البول } ورويناه أيضا من طريق أبي معاوية عن الأعمش بإسناده .

                                                                                                                                                                                          حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا عمر بن عبد الملك الخولاني ثنا محمد بن بكر حدثنا أبو داود ثنا أحمد بن حنبل ثنا يحيى بن سعيد هو القطان - عن أبي حزرة هو يعقوب بن مجاهد القاص ، ثنا عبد الله بن محمد بن أبي بكر الصديق أخو القاسم بن محمد قال : كنا عند عائشة أم المؤمنين فقالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { لا يصلى بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان يعني البول والنجو } . ورويناه أيضا من [ ص: 178 ] طريق مسدد عن يحيى بن سعيد بإسناده . ومن طريق مسلم عن محمد بن عباد عن حاتم بن إسماعيل عن أبي حزرة .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : فافترض رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس اجتناب البول جملة ، وتوعد على ذلك بالعذاب ، وهذا عموم لا يجوز أن يخص منه بول دون بول ، فيكون فاعل ذلك مدعيا على الله تعالى وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم ما لا علم له به بالباطل إلا بنص ثابت جلي ، ووجدناه صلى الله عليه وسلم قد سمى البول جملة والنجو جملة " الأخبثين " والخبيث محرم ، قال الله تعالى : { يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث } فصح أن كل أخبث وخبيث فهو حرام .

                                                                                                                                                                                          فإن قيل : إنما خاطب عليه السلام الناس فإنما أراد نجوهم وبولهم فقط . قلنا : نعم إنما خاطب عليه السلام الناس ولكن أتى بالاسم الأعم الذي يدخل تحته جنس البول والنجو . ولا فرق بين من قال : إنما أراد عليه السلام نجو الناس خاصة وبولهم وبين من قال : بل إنما أراد عليه السلام بول كل إنسان عليه خاصة لا بول غيره من الناس ، وكذلك في النجو فصح أن الواجب حمل ذلك على ما تحت الاسم الجامع للجنس كله . فإن قيل : إن هذا الخبر الذي فيه العذاب في البول إنما هو من رواية الأعمش عن مجاهد ، وقد تكلم فيها ، وأيضا فإنه مرة رواه عن مجاهد عن ابن عباس ، ومرة عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس ، وأيضا فإن ابن راهويه ومحمد بن العلاء ويحيى وأبا سعيد الأشج رووه عن وكيع عن الأعمش فقالوا فيه { كان لا يستتر من بوله } وهكذا رواه عثمان بن أبي شيبة عن جرير عن منصور عن مجاهد .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : هذا كله لا شيء . أما رواية الأعمش عن مجاهد فإن الإمامين شعبة ووكيعا ذكرا في هذا الحديث سماع الأعمش له من مجاهد فسقط هذا [ ص: 179 ] الاعتراض ، وأيضا فقد رويناه آنفا من غير طريق الأعمش لكن من طريق منصور عن مجاهد عن ابن عباس ، فسقط التعلل جملة . وأما رواية هذا الخبر مرة عن مجاهد عن ابن عباس ومرة عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس فهذا قوة للحديث ، ولا يتعلل بهذا إلا جاهل مكابر للحقائق ; لأن كليهما إمام ، وكلاهما صحب ابن عباس الصحبة الطويلة ، فسمعه مجاهد من ابن عباس .

                                                                                                                                                                                          وسمعه أيضا من طاوس عن ابن عباس فرواه كذلك ، وإلا فأي شيء في هذا مما يقدح في الرواية ؟ وددنا أن تبينوا لنا ذلك ولا سبيل إليه إلا بدعوى فاسدة لهج بها قوم من أصحاب الحديث ، وهم فيها مخطئون عين الخطأ ، ومن قلدهم أسوأ حالا منهم . وأما رواية من روى " من بوله " فقد عارضهم من هو فوقهم ، فروى هناد بن السري وزهير بن حرب ومحمد بن المثنى ومحمد بن بشار كلهم عن وكيع فقالوا " من البول " ورواه ابن عون وابن جرير عن أبيه عن منصور عن مجاهد فقالا : " من البول " ورواه شعبة وعبيدة بن حميد ، كلاهما عن منصور عن مجاهد فقالا : " من البول " ورواه شعبة وأبو معاوية الضرير وعبد الواحد بن زياد كلهم عن الأعمش فقالوا " من البول " فكلا الروايتين حق ، ورواية هؤلاء تزيد على رواية الآخرين وزيادة العدل واجب قبولها ، فسقط كل ما تعللوا به ، وصح فرضا وجوب اجتناب كل بول ونجو . وممن قال بهذا جملة من السلف ، كما حدثنا حمام ثنا عباس بن أصبغ ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن ثنا أحمد بن محمد البرتي القاضي ثنا أبو معمر ثنا عبد الوارث بن سعيد ثنا عمارة بن أبي حفصة حدثني أبو مجلز قال : - سألت ابن عمر عن بول ناقتي قال اغسل ما أصابك منه .

                                                                                                                                                                                          وعن أحمد بن حنبل عن المعتمر بن سليمان التيمي عن سلم بن أبي الذيال عن صالح الدهان عن جابر بن زيد قال : الأبوال كلها أنجاس . وعن حماد بن سلمة عن يونس بن عبيد عن الحسن قال " البول كله يغسل " وعن قتادة عن سعيد بن المسيب قال " الرش بالرش والصب بالصب من الأبوال كلها " وعن معمر عن الزهري فيما يصيب الراعي من أبوال الإبل قال " ينضح " وعن سفيان بن عيينة عن أبي موسى إسرائيل قال " كنت مع محمد بن سيرين فسقط عليه بول خفاش فنضحه ، وقال ما كنت أرى النضح شيئا حتى بلغني عن سبعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . وعن وكيع عن شعبة قال " سألت حماد بن أبي سليمان عن بول الشاة ، فقال اغسله . وعن حماد أيضا في بول البعير مثل ذلك .

                                                                                                                                                                                          [ ص: 180 ] قال أبو محمد " وأما قول زفر فلا متعلق له بشيء من هذه الأخبار ، لما نذكره في إفساد قول مالك إن شاء الله تعالى - لكن تعلق من ذهب مذهبه بحديث رواه عيسى بن موسى بن أبي حرب الصفار عن يحيى بن بكير عن سوار بن مصعب عن مطرف عن أبي الجهم عن البراء بن عازب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم { ما أكل لحمه فلا بأس ببوله } .

                                                                                                                                                                                          قال علي : هذا خبر باطل موضوع ; لأن سوار بن مصعب متروك عند جميع أهل النقل ، متفق على ترك الرواية عنه ، يروي الموضوعات . فإذا سقط هذا فإن زفر قاس بعض الأبوال على بعض ، ولم يقس النجو على البول ، وهذا هو الذي أنكره أصحابه علينا في تفريقنا بين حكم البائل في الماء الراكد وبين المتغوط فيه ، إلا أننا نحن قلناه اتباعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقال زفر برأيه الفاسد . وأما قول مالك فظاهر الخطإ ، لأنه ليس فيما احتج به إلا أبوال الإبل فقط ، واستدلال على بول الغنم وبعرها فقط ، فأدخل هو في حكم الطهارة أبوال البقر وأخثاءها وأبعار الإبل وبعر كل ما يؤكل لحمه وبوله .

                                                                                                                                                                                          فإن قالوا فعلنا ذلك قياسا لما يؤكل لحمه على ما لا يؤكل لحمه ، قلنا لهم فهلا قستم على الإبل والغنم كل ذي أربع ; لأنها ذوات أربع وذوات أربع ؟ أو كل حيوان ، لأنه حيوان وحيوان ؟ أو هلا قستم كل ما عدا الإبل والغنم المذكورين في الخبر على بول الإنسان ونجوه المحرمين ؟ فهذه علة أعم من علتكم إن كنتم تقولون بالأعم في العلل ، فإن لجأتم ههنا إلى القول بالأخص في العلل قلنا لكم ، فهلا قستم من الأنعام المسكوت عنها على الإبل والغنم ، وهي ما تكون أضحية من البقر فقط ، كما الإبل والغنم تكون أضحية ، أو ما يكون فيه الزكاة من البقر فقط ، كما يكون في الإبل والغنم ، أو ما يجوز ذبحه للمحرم من البقر خاصة ، كما يجوز ذلك في الإبل والغنم ، دون أن تقيسوا على الإبل والغنم والصيد والطير فهذا أخص من علتكم ، فظهر فساد قياسهم جملة يقينا . فإن قالوا : قسنا أبوال كل ما يؤكل لحمه وأنجاءها على ألبانها . قلنا لهم : فهلا قستم أبوالها على دمائها فأوجبتم نجاسة كل ذلك ؟ وأيضا فليس للذكور منها ولا للطير ألبان فتقاس أبوالها وأنجاؤها عليها . وأيضا فقد جاء القرآن والسنة والإجماع المتيقن بإفساد علتكم هذه وإبطال قياسكم هذا ، لصحة كل ذلك بأن لا تقاس أبوال النساء ونجوهن على ألبانهن في الطهارة والاستحلال . وهذا لا مخلص [ ص: 181 ] منه ألبتة . وهلا قاسوا كل ذي رجلين من الطير في نجوه على نجو الإنسان فهو ذو رجلين ؟ فكل هذه قياسات كقياسكم أو أظهر ، وهذا يرى من نصح نفسه إبطال القياس جملة ، وصح أن قول أبي حنيفة ومالك وأصحاب أبي حنيفة في هذه المسألة باطل بيقين ، لأنهم لا شيئا من النصوص اتبعوا ولا شيئا من القياس ضبطوا ، ولا بقول أحد من المتقدمين تعلقوا ، لا سيما تفريق مالك بين بول ما شرب ماء نجسا فقال بنجاسة بوله ، وبين بول ما شرب ماء طاهرا فقال بطهارة بوله ، وهو يرى لحم الدجاج حلالا طيبا ، هذا وهو يراه متولدا عن الميتات والعذرة ، وهذا تناقض لا خفاء به . وبالله تعالى التوفيق

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية