الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( والأذان تسع عشرة كلمة ، الله أكبر الله أكبر ، الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، ثم يرجع فيمد صوته ويقول : أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، حي على الصلاة ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله . لما روى أبو محذورة رضي الله عنه قال : { ألقى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم التأذين بنفسه فقال : قل الله أكبر [ ص: 99 ] الله أكبر } فذكر نحو ما قلناه وإن كان أذان الصبح زاد فيه [ التثويب ] وهو أن يقول بعد الحيعلة : " الصلاة خير من النوم مرتين " وكره ذلك في الجديد . قال أصحابنا : يسن ذلك قولا واحدا ، وإنما كره [ ذلك ] في الجديد ; لأن أبا محذورة لم يحكه ، وقد صح ذلك في حديث أبي محذورة ، وأنه قال له : " حي على الفلاح ، الصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من النوم ، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، [ وأما ] الإقامة [ فإنها ] إحدى عشرة كلمة : الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، حي على الصلاة حي على الفلاح ، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة ، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، وقال في القديم : الإقامة مرة [ مرة ] لأنه لفظ في الإقامة فكان فرادى كالحيعلة والأول أصح لما روى أنس رضي الله عنه قال : { أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة } [ ولأن سائر ألفاظ الإقامة ، إلا الإقامة ] قد قضي حقها في أول الأذان فأعيدت على النقصان كآخر الأذان ولفظ الإقامة لم يقض حقه في الأذان فلم يلحقه النقصان . )

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) حديث أنس { أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة } صحيح رواه البخاري ومسلم بلفظه . وأما حديث أبي محذورة في الترجيح فصحيح رواه مسلم . لكنه وقع التكبير في أوله في رواية مسلم مرتين فقط : الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله ، وفي رواية أبي داود والنسائي وغيرهما التكبير أربعا كما هو في المهذب وإسناده صحيح ، قال الترمذي : هو حديث صحيح . وأما حديث أبي محذورة في التثويب فرواه أبو داود وغيره بإسناد جيد ، وعن أنس رضي الله عنه قال : ( من السنة إذا قال المؤذن في أذان الفجر حي على الفلاح ، قال : الصلاة خير من النوم ، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ) رواه ابن خزيمة في صحيحه والدارقطني والبيهقي . قال البيهقي : إسناده صحيح . وأبو محذورة بالحاء المهملة وضم الذال المعجمة اسمه : سمرة بن معير بميم مكسورة ثم عين ساكنة ثم ياء مثناة تحت مفتوحة ثم راء ، ويقال : أوس بن معير ، ويقال : سمرة بن عمير ، ويقال : أوس بن معير . بضم الميم وفتح الياء المشددة ، كان من أحسن الناس صوتا ، أسلم بعد الفتح . توفي بمكة [ ص: 100 ] سنة تسع وخمسين ، وقيل تسع وسبعين ، وأما التثويب فمأخوذ من ثاب إذا رجع كأنه رجع إلى الدعاء إلى الصلاة مرة أخرى ; لأنه دعا إليها بقوله " حي على الصلاة " ثم دعا إليها بقوله " الصلاة خير من النوم " قال الترمذي في جامعه ويقال فيه التثويب .

                                      وأما الحيعلة فهي بفتح الحاء وهي قوله " حي على الصلاة ، حي على الفلاح " قال الأزهري : قال الخليل : لا تأتلف العين والحاء في كلمة واحدة أصلية في الحروف لقرب مخرجيهما إلا أن يتألف فعل من كلمتين ، مثل " حي على " فيقال " حيعلة " ومثل الحيعلة من المركبات : البسملة والحمدلة والحوقلة في : بسم الله ، والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله وأشباهها ، وقد أوضحتها في تهذيب الأسماء واللغات . وقوله { أمر بلال أن يشفع الأذان } هو بفتح الياء ، أي أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحب الأمر والنهي . وقوله " إلا الإقامة " يعني قوله : قد قامت الصلاة فيأتي به مرتين . وقوله " ثم يرجع فيمد صوته " لو قال فيرفع صوته كان أحسن ; لأنه لا يلزم من المد الرفع ، والمراد الرفع . وقوله " يرجع " هو بفتح الياء وإسكان الراء وتخفيف الجيم ، وقد رأيت من يضم الياء ويشدد الجيم ، وهو تصحيف ; لأن الترجيع اسم للذي يأتي به سرا . ( وأما حكم المسألة ) فمذهبنا أن الأذان تسع عشرة كلمة كما ذكر بإثبات الترجيع وهو ذكر الشهادتين مرتين سرا قبل الجهر ، وهذا الترجيع سنة على المذهب الصحيح الذي قاله الأكثرون ، فلو تركه سهوا أو عمدا صح أذانه وفاته الفضيلة وفيه وجه حكاه الخراسانيون وبعضهم يحكيه قولا أنه ركن لا يصح الأذان إلا به . قال القاضي حسين نقل أحمد البيهقي عن الإمام الشافعي أنه إن ترك الترجيع لا يصح أذانه ، والمذهب الأول ; لأنه جاءت أحاديث كثيرة بحذفه ، منها حديث عبد الله بن زيد الذي قدمناه في أول الباب ، ولو كان ركنا لم يترك ، ولأنه ليس في حذفه إخلال ظاهر بخلاف باقي الكلمات ، والحكمة في الترجيع أنه يقوله سرا بتدبر وإخلاص . [ ص: 101 ]

                                      وأما التثويب في الصحيح ففيه طريقان الصحيح الذي قطع به المصنف والجمهور أنه مسنون قطعا لحديث أبي محذورة . ( والطريق الثاني ) فيه قولان ( أحدهما ) هذا وهو القديم ، ونقله القاضي أبو الطيب وصاحب الشامل عن نص الشافعي في البويطي فيكون منصوصا في القديم والجديد ونقله صاحب التتمة عن نص الشافعي رحمه الله في عامة كتبه ( والثاني ) وهو الجديد ; لأنه يكره ، وممن قطع بطريقة القولين الدارمي وادعى إمام الحرمين أنها أشهر والمذهب أنه مشروع ، فعلى هذا فهو سنة لو تركه صح الأذان وفاته الفضيلة . هكذا قطع به الأصحاب .

                                      وقال إمام الحرمين في اشتراطه احتمال ، قال : وهو بالاشتراط أولى من الترجيع ثم ظاهر إطلاق الأصحاب أنه يشرع في كل أذان للصبح سواء ما قبل الفجر وبعده ، وقال صاحب التهذيب : إن ثوب في الأذان الأول لم يثوب في الثاني في ( أصح ) الوجهين . وأما الإقامة ففيها خمسة أقوال ( الصحيح ) أنها إحدى عشرة كلمة كما ذكره المصنف وهذا هو القول الجديد وقطع به كثيرون من الأصحاب ، ودليله حديث أنس . ( والثاني ) أنها عشر كلمات يفرد قوله قد قامت الصلاة . وهذا قول قديم حكاه المصنف والأصحاب . ( والثالث ) قديم أيضا أنها تسع كلمات يفرد أيضا التكبير في آخرها ، حكاه إمام الحرمين ( والرابع ) قديم أيضا أنها ثمان كلمات يفرد التكبير في أولها وآخرها مع لفظ الإقامة ، حكاه القاضي حسين والفوراني والسرخسي وصاحب العدة وجها . وحكاه البغوي قولا .

                                      ( والخامس ) أنه إن رجع في الأذان ثنى جميع كلمات الإقامة فيكون سبع عشرة كلمة ، وإن لم يرجع أفرد الإقامة فجعلها إحدى عشرة كلمة . قال البغوي وهذا اختيار أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة من [ ص: 102 ] أصحابنا ، والمذهب أنها إحدى عشرة كلمة سواء رجع أم لا ، ودليله حديث عبد الله بن زيد الذي ذكرناه في أول الباب وحديث أنس المذكور هنا . فإن قيل : فقد قال : أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة فهذا ظاهره أنه يأتي بالتكبير مرة فقط ، وقد قلتم يأتي به مرتين . فالجواب أنه وتر بالنسبة إلى تكبير الأذان فإن التكبير في أول الأذان أربع كلمات ، ولأن السنة في تكبيرات الأربع أن يأتي بها في نفسين كل تكبيرتين في نفس ، وفي الإقامة يأتي بالتكبيرتين في نفس فصارت وترا بهذا الاعتبار والله أعلم . ( فرع ) في مذاهب العلماء في ألفاظ الأذان . قد ذكرنا أن مذهبنا أنه تسع عشرة كلمة ، وبه قال طائفة من أهل العلم بالحجاز وغيره ، وقال مالك هو سبع عشرة كلمة أسقط تكبيرتين من أوله ، وقال أبو حنيفة وسفيان الثوري هو خمس عشرة كلمة أسقطا الترجيع وجعلا التكبير أربعا كمذهبنا ، وقال أحمد وإسحاق إثبات الترجيع وحذفه كلاهما سنة ، وحكى الخرقي عن أحمد أنه لا يرجع .

                                      واحتج لأبي حنيفة وموافقيه في إسقاط الترجيع بحديث عبد الله بن زيد ، واحتج أصحابنا بحديث أبي محذورة قالوا : وهو مقدم على حديث عبد الله بن زيد لأوجه ( أحدها ) أنه متأخر ( والثاني ) أن فيه زيادة ، وزيادة الثقة مقبولة ( الثالث ) أن النبي صلى الله عليه وسلم لقنه إياه ( والرابع ) عمل أهل الحرمين بالترجيع والله أعلم .

                                      ( فرع ) في مذاهبهم في التثويب : قد ذكرنا أن مذهبنا أنه سنة في أذان الصبح وممن قال بالتثويب عمر بن الخطاب رضي الله عنه وابنه وأنس والحسن البصري وابن سيرين والزهري ومالك والثوري وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود ولم يقل أبو حنيفة بالتثويب على هذا الوجه ، دليلنا الحديث السابق فيه . ( فرع ) في مذاهبهم في الإقامة مذهبنا المشهور أنها إحدى عشرة كلمة كما سبق وبه قال عمر بن الخطاب وابنه وأنس والحسن البصري [ ص: 103 ] ومكحول والزهري والأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور ويحيى بن يحيى وداود وابن المنذر قال البيهقي وممن قال بإفراد الإقامة سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير والحسن وابن سيرين ومكحول والزهري وعمر بن عبد العزيز ومشايخ جلة من التابعين سواهم . قال البغوي : هو قول أكثر العلماء . وقال مالك : عشر كلمات جعل قوله : قد قامت الصلاة مرة ، وقال أبو حنيفة والثوري وابن المبارك هو سبع عشرة كلمة مثل الأذان عندهم مع زيادة قد قامت الصلاة مرتين ، واحتج لأبي حنيفة وموافقيه بحديث أبي محذورة { أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه الأذان تسع عشرة كلمة والإقامة سبع عشرة كلمة } رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح .

                                      وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن زيد قال { كان أذان رسول الله صلى الله عليه وسلم شفعا شفعا في الأذان والإقامة } وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ مثله وقياسا على الأذان ، واحتج أصحابنا بحديث عبد الله بن زيد المذكور في أول الباب وهو صحيح كما سبق بيانه ، وبحديث أنس قال { أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة إلا الإقامة } رواه البخاري ومسلم ورواه البيهقي بإسنادين صحيحين أيضا عن أنس { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلالا أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة } . وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال { إنما كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين مرتين والإقامة مرة مرة غير أنه يقول : قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة } رواه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح . وفي المسألة أحاديث كثيرة واحتجوا بأقيسة كثيرة لا حاجة إليها مع الأحاديث الصحيحة قالوا : والحكمة في إفراد الإقامة أن السامع يعلم أنها إقامة فلو ثنيت لاشتبهت عليه بالأذان ، ولأنها للحاضرين فلم يحتج إلى تكرير للتأكيد بخلاف الأذان ، وأجابوا عن حديث عبد الله بن زيد بأن ابن أبي ليلى لم يدرك عبد الله بن زيد ولم يدرك أيضا معاذا ، هكذا أجاب به حفاظ الحديث واتفقوا عليه ، ولأن المشهور عن عبد الله بن زيد إفراد الإقامة كما سبق في أول الباب في حديث بدء الأذان . [ ص: 104 ] قال ابن خزيمة : سمعت الإمام محمد بن يحيى الذهلي يقول : ليس في أخبار عبد الله بن زيد في الأذان أصح من هذا - يعني الرواية التي ذكرناها في أول الباب - وعن حديث أبي محذورة أن الرواية اختلفت عنه ، فروى جماعة عنه إفراد الإقامة وآخرون تثنيتها ، وقد روى ابن خزيمة والدارقطني والبيهقي طرقهم وبينوها .

                                      وقد اتفقنا نحن وأصحاب أبي حنيفة على أن حديث أبي محذورة هذا لا يعمل بظاهره ; لأن فيه الترجيع وتثنية الإقامة وهم لا يقولون بالترجيع ونحن لا نقول بتثنية الإقامة فلا بد لنا ولهم من تأويله فكان الأخذ بالإفراد أولى ; لأنه الموافق لباقي الروايات والأحاديث الصحيحة ، كحديث أنس وغيره مما سبق في الإفراد . قال البيهقي : أجمعوا أن الإقامة ليست كالأذان في عدد الكلمات إذا كان بالترجيع فدل على أن المراد به جنس الكلمات ، وأن تفسيرها وقع من بعض الرواة توهما منه أن ذلك هو المراد ، ولهذا لم يرو مسلم في صحيحه الإقامة في حديث أبي محذورة مع روايته الأذان عنه ، ثم ذكر البيهقي بأسانيده الصحيحة روايات عن أبي محذورة تبين صحة قوله ، ثم روى البيهقي عن ابن خزيمة قال : الترجيع في الأذان مع تثنية الإقامة من جنس الاختلاف المباح فيباح أن يرجع في الأذان ويثني الإقامة ، ويباح أن يثني الأذان ويفرد الإقامة لأن الأمرين صحا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأما تثنية الأذان بلا ترجيع وتثنية الإقامة فلم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم . قال البيهقي وفي صحة التثنية في الإقامة سوى لفظ التكبير وكلمتي الإقامة نظر ففي اختلاف الروايات ما يوهم أن يكون الأمر بالتثنية عاد إلى كلمتي الإقامة وفي دوام أبي محذورة وأولاده على ترجيع الأذان وإفراد الإقامة ما يؤذن بضعف رواية من روى تثنيتها ويقتضي أن الأمر بقي على ما كان عليه هو وأولاده وسعد القرظ وأولاده في حرم الله تعالى وحرم رسوله صلى الله عليه وسلم إلى أن وقع التغيير في أيام المصريين .

                                      [ ص: 105 ] قال الشافعي رحمه الله : أدركت إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة يؤذن كما حكى ابن محيريز - يعني بالترجيع - قال : وسمعته يحدث عن أبيه عن ابن محيريز عن أبي محذورة عن النبي صلى الله عليه وسلم معنى ما حكى ابن جريج قال : وسمعته يفرد الإقامة إلا لفظ الإقامة . وقال الشافعي في القديم : الرواية في الأذان تكلف ; لأنه خمس مرات في اليوم والليلة في المسجدين ، يعني مسجدي مكة والمدينة على رءوس المهاجرين والأنصار ، ومؤذنو مكة آل أبي محذورة ، وقد أذن أبو محذورة للنبي صلى الله عليه وسلم وعلمه الأذان ثم ولده بمكة وأذن آل سعد القرظ منذ زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه كلهم يحكي الأذان والإقامة والتثويب وقت الفجر ، كما ذكرنا ، فإن جاز أن يكون هذا غلطا من جماعتهم والناس بحضرتهم ويأتينا من طرف الأرض من يعلمنا ذلك جاز له أن يسألنا عن عرفة ومنى ثم يخالفنا ، ولو خالفنا في المواقيت لكان أجوز له من مخالفتنا في هذا الأمر الظاهر المعمول به . وروى البيهقي عن مالك قال : أذن سعد القرظ في هذا المسجد في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرون فلم ينكره أحد منهم . وكان سعد وبنوه يؤذنون بأذانه إلى اليوم ، فقيل له كيف أذانهم ؟ فقال يقول : الله أكبر الله أكبر ، الله أكبر الله أكبر ، فذكره بالترجيع قال ، والإقامة مرة مرة . قال أبو عبد الله محمد بن نصر : فأرى فقهاء أصحاب الحديث قد أجمعوا على إفراد الإقامة واختلفوا في الأذان ، يعني إثبات الترجيع وحذفه والله أعلم .



                                      ( فرع ) يكره التثويب في غير الصبح ، وهذا مذهبنا ومذهب الجمهور ، وحكى الشيخ أبو حامد وصاحب الحاوي والمحاملي وغيرهم عن النخعي أنه كان يقول : التثويب سنة في كل الصلوات كالصبح . وحكى القاضي أبو الطيب عن الحسن بن صالح أنه مستحب في أذان [ ص: 106 ] العشاء أيضا ; لأن بعض الناس قد ينام عنها ، دليلنا حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد } رواه البخاري ومسلم . وروي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى التابعي عن بلال رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا تثوبن في شيء من الصلوات إلا في صلاة الفجر } رواه الترمذي وضعف إسناده ، وهو مع ضعف إسناده مرسل ; لأن ابن أبي ليلى لم يسمع بلالا . وعن مجاهد قال : " كنت مع ابن عمر فثوب رجل في الظهر أو العصر فقال : " اخرج بنا فإن هذه بدعة " رواه أبو داود وليس إسناده بقوي ، والمعتمد حديث عائشة رضي الله عنها .



                                      ( فرع ) يكره أن يقال في الأذان : حي على خير العمل ، لأنه لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى البيهقي فيه شيئا موقوفا على ابن عمر وعلي بن الحسين صلى الله عليه وسلم قال البيهقي لم تثبت هذه اللفظة عن النبي صلى الله عليه وسلم فنحن نكره الزيادة في الأذان والله أعلم .




                                      الخدمات العلمية