الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
704 - وعن أبي قتادة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا دخل أحدكم المسجد ، فليركع ركعتين قبل أن يجلس ) . متفق عليه .

التالي السابق


704 - ( وعن أبي قتادة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا دخل أحدكم المسجد ، فليركع ) أمر استحباب لا وجوب ، خلافا للظاهرية ( ركعتين ) يعني تحية المسجد ، أو ما يقوم مقامها من صلاة فرض أو سنة في غير وقت مكروه عندنا ، أو طواف ( قبل أن يجلس ) تعظيما للمسجد ، واستثنى الخطيب ( متفق عليه ) : قال ميرك : ورواه الأربعة ، ووقع في المشارق للصغاني أن هذا الحديث من رواية أبي هريرة ، ورقم له بعلامة ( خ ) فوهم في موضعين . قلت : المراد بالموضع الأول ، أنه نسب الحديث إلى أبي هريرة ، والحال أنه منسوب إلى أبي قتادة ، وبالثاني أنه نسبه إلى البخاري فقط ، وهو منسوب إلى الصحيحين . وفي الجامع الصغير ، ورواه أحمد ، ومسلم ، والأربعة ، عن أبي قتادة ، وابن ماجه ، عن أبي هريرة . وفي رواية العقيلي ، وابن عدي ، والبيهقي ، عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ : ( إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين ، وإذا دخل أحدكم بيته فلا يجلس حتى يركع ركعتين ، فإن الله جاعل له من ركعتيه في بيته خيرا ) وفي رواية : إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين ، وفي

[ ص: 597 ] رواية : ( أعطوا المساجد حقها ) . قالوا : وما حقها يا رسول الله قال : ( أن تصلوا ركعتين قبل أن تجلسوا ) . وما يفعله بعض العوام من الجلوس أولا ثم القيام للصلاة ثانيا باطل لا أصل له ، ثم الظاهر من الحديث اختصاص ندبها بمريد الجلوس ، ويحتمل التقييد بالجلوس جرى على الغالب ، ومن دخله وقت كراهة الصلاة أو وهو محدث قال أربع مرات : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر . زاد بعضهم : ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، فقد روي عن بعض السلف أن ذلك يعدل ركعتين في الفضل ، ويؤيده ما صح عن جابر بن زيد - الإمام الكبير التابعي - أنه قال : إذا دخلت المسجد فصل فيه ، فإن لم تصل فاذكر الله ، فكأنك قد صليت ، ومن دخل المسجد الحرام وأراد الطواف فليبدأ به وإلا فليصل خلافا لمن وهم خلاف ذلك من قولهم : تحية المسجد الحرام طوافه ، ثم ظاهر الحديث أنها تفوت بالجلوس ، لكن روى ابن حبان عن أبي ذر وصححه قال : دخلت المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وحده ، فجلست إليه فقال : ( يا أبا ذر للمسجد تحية وإن تحيته ركعتان ، فقم فاركعهما ) . قال : فقمت فركعتهما ، وبه أخذ أن الزائر إذا دخل المسجد النبوي يصلي أولا ، ثم يزوره تقديما لحق الله تعالى وتعظيمه على حق رسول الله صلى الله عليه وسلم وتكريمه .




الخدمات العلمية