الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          791 حدثنا هناد حدثنا أبو معاوية عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل في معتكفه قال أبو عيسى وقد روي هذا الحديث عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا رواه مالك وغير واحد عن يحيى بن سعيد عن عمرة مرسلا ورواه الأوزاعي وسفيان الثوري وغير واحد عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة والعمل على هذا الحديث عند بعض أهل العلم يقولون إذا أراد الرجل أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل في معتكفه وهو قول أحمد وإسحق بن إبراهيم وقال بعضهم إذا أراد أن يعتكف فلتغب له الشمس من الليلة التي يريد أن يعتكف فيها من الغد وقد قعد في معتكفه وهو قول سفيان الثوري ومالك بن أنس

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( صلى الفجر ثم دخل معتكفه ) بصيغة المفعول أي مكان اعتكافه ، أي انقطع فيه وتخلى بنفسه بعد صلاة الصبح ، لا أن ذلك وقت ابتداء اعتكافه ، بل كان يعتكف من الغروب ليلة الحادي والعشرين ، وإلا لما كان معتكفا العشر بتمامه الذي ورد في عدة أخبار أنه كان يعتكف العشر بتمامه ، وهذا هو هو المعتبر عند الجمهور لمريد اعتكاف عشر أو شهر ، وبه قال الأئمة الأربعة ، ذكره الحافظ العراقي كذا في شرح الجامع الصغير للمناوي .

                                                                                                          وقال الحافظ ابن حجر في الفتح : فيه أن أول الوقت الذي يدخل فيه المعتكف بعد صلاة الصبح ، وهو قول الأوزاعي والليث والثوري ، وقال الأئمة الأربعة وطائفة : يدخل قبيل غروب الشمس وأولوا الحديث على أنه دخل من أول الليل ، ولكن إنما تخلى بنفسه في المكان الذي أعده لنفسه بعد صلاة الصبح ، انتهى كلام الحافظ .

                                                                                                          وقال أبو الطيب السندي : وإنما جنح الجمهور إلى التأويل المذكور للعمل بالحديثين : الأول ما روى البخاري عن عائشة قالت : كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعتكف في العشر الأواخر [ ص: 422 ] من رمضان ، والثاني ما رواه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال : كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعتكف في كل رمضان عشرة أيام الحديث ، فاستفيد من الحديث الأول عشر ليال ومن الآخر عشرة أيام ، فأولوا بما تقدم جمعا بين الحديثين ، انتهى .

                                                                                                          قوله : ( وقد روى هذا الحديث إلخ ) والحديث أخرجه البخاري ومسلم .

                                                                                                          قوله : ( وهو قول أحمد بن حنبل ) قال أبو الطيب في شرح الترمذي : يفهم من هذا أن هذا هو مذهب الإمام أحمد وليس كذلك ، بل إنما هو رواية عنه . قال الشيخ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن مفلح المقدسي في كتابه الفروع : ومن أراد أن يعتكف العشر الأخير تطوعا دخل قبل ليلته الأولى ، نص عليه أي الإمام أحمد ، وعنه بعد صلاة الفجر أول يوم منه ، انتهى مختصرا .

                                                                                                          قوله : ( قد قعد في معتكفه ) جملة حالية وذو الحال قوله الشمس ، أي فلتغب له الشمس في حالة الاعتكاف ، كذا في بعض الحواشي ، والظاهر أن هذه الجملة حال من الضمير المجرور في قوله له ؛ أي فلتغب له الشمس حال كونه قاعدا في معتكفه .

                                                                                                          قوله : ( وهو قول سفيان الثوري ومالك بن أنس ) وهو قول الجمهور وبه قال الأئمة الأربعة كما عرفت في كلام الحافظ .

                                                                                                          [ ص: 423 ]



                                                                                                          الخدمات العلمية