الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( ولا زكاة في مغشوشها ، حتى يبلغ قدر ما فيه نصابا ) . يعني حتى يبلغ الخالص نصابا ، وهو المذهب ، وعليه الجمهور ، وجزم به كثير منهم ، وحكى ابن حامد في شرحه وجها : إن بلغ مضروبه نصابا زكاه ، قال في الفروع : وظاهره لو كان الغش أكثر ، وتقدم اختيار الشيخ تقي الدين قريبا من ذلك ، وقال أبو الفرج الشيرازي : يقوم مضروبه كالعروض . قوله ( فإن شك فيه خير بين سبكه وبين الإخراج ) . يعني لو شك : هل فيه نصاب خالص ؟ فإن لم يسبكه استظهر ، وأخرج ما يجزئه بيقين . وهذا المذهب ، وعليه أكثر الأصحاب ، وقيل : لا زكاة فيه مع الشك ، هل هو نصاب أم لا ؟ . [ ص: 133 ] فوائد . إحداهما : لو كان من المغشوش أكثر منه نصاب خالص ، لكن شك في قدر الزيادة ، فإنه يستظهر ويخرج ما يجزئه بيقين ، فلو كان المغشوش وزن ألف ذهبا ، وفضة ستمائة من أحدهما ، وأربعمائة من الأخرى . زكى ستمائة ذهبا وأربعمائة فضة ، وإن لم يجز ذهب عن فضة . زكى ستمائة ذهبا وستمائة فضة .

الثانية : إذا أردت معرفة قدر غشه ، فضع في ماء ذهبا خالصا بوزن المغشوش وعلم قدر علو الماء ، ثم ارفعه ، ثم ضع فضة خالصة بوزن المغشوش وعلم علو الماء . ثم ضع المغشوش وعلم علو الماء ، ثم امسح ما بين الوسطى والعليا وما بين الوسطى والسفلى ، فإن كان الممسوحان سواء : فنصف المغشوش ذهب ، ونصفه فضة ، وإن زاد أو نقص فبحسابه .

الثالثة : قال أصحابنا : إذا زادت قيمة المغشوش بصنعة الغش : أخرج ربع عشره ، كحلي الكراء إذا زادت قيمته لصناعته . الرابعة : لو أراد أن يزكي المغشوشة منها ، فإن علم قدر الغش في كل دينار جاز ، وإلا لم يجزه إلا أن يستظهر ، فيخرج قدر الزكاة بيقين ، وإن أخرج مالا غش فيه كان أفضل . وإن أسقط الغش وزكى على قدر الذهب جاز ، ولا زكاة في غشها ، إلا أن تكون فضة وله من الفضة ما يتم به نصابا ، أو نقول برواية ضمه إلى الذهب . زاد المجد : أو يكون غشها للتجارة .

قوله ( ويخرج من الجيد الصحيح من جنسه ) هذا مما لا نزاع فيه ، فإن أخرج مكسرا أو بهرجاء وهو الرديء زاد قدر ما بينهما من الفضل ، نص عليه ، وكذا لو أخرج مغشوشا من جنسه ، وهذا المذهب المنصوص عن أحمد ، وعليه أكثر الأصحاب ، وقيل : يجزئ المغشوش ، ولو كان من غير جنسه . [ ص: 134 ] وقيل : يجب المثل ، اختاره في الانتصار ، واختاره في المجرد في غير مكسر عن صحيح . قاله في الفروع ، وقال ابن تميم : وإن أخرج عن صحاح مكسرة ، وزاد بقدر ما بينهما : جاز على الأصح . نص عليه ، وإن أخرج عن جياد بهرجا بقيمة جياد : فوجهان . أحدهما : يجزئ ، والثاني : لا يجزئ ، ولا يرجع فيما أخرج ، قاله القاضي ، وقيد بعضهم الوجهين بما عينه لا من جنسه . انتهى .

فائدة : يخرج عن جديد صحيح ورديء من جنسه ، ويخرج من كل نوع بحصته على الصحيح من المذهب ، وقيل : إن شق لكثرة الأنواع أخرج من الوسط كالماشية ، جزم به المصنف . وقدمه ابن تميم . قلت : وهو الصواب ، ولو أخرج عن الأعلى من الأدنى ، أو من الوسط وزاد قدر القيمة جاز ، نص عليه ، وإلا لم يجز . على الصحيح من المذهب ، جزم به جماعة من الأصحاب . منهم : ابن تميم ، وابن حمدان ، وقدمه في الفروع . قال في الفروع : وظاهره كلام جماعة وتعليلهم أنها كمغشوش عن جيد ، على ما تقدم ، وإن أخرج من الأعلى بقدر القيمة دون الوزن لم يجزه ، ويجزئ قليل القيمة عن كثيرها مع الوزن ، على الصحيح من المذهب . وقيل : وزيادة قدر القيمة .

التالي السابق


الخدمات العلمية