الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              1511 [ 785 ] وعنها قالت : كسفت الشمس على عهد رسول - صلى الله عليه وسلم - ففزع ، فأخطأ بدرع ، حتى أدرك بردائه بعد ذلك . قالت : فقضيت حاجتي ، ثم جئت فدخلت المسجد ، فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائما ، فقمت معه ، فأطال القيام حتى رأيتني أريد أن أجلس ، ثم ألتفت إلى المرأة الضعيفة ، فأقول : هذه أضعف مني فأقوم ، فركع فأطال الركوع ، ثم رفع رأسه فأطال القيام حتى لو أن رجلا جاء خيل إليه أنه لم يركع .

                                                                                              رواه البخاري (1058) ، ومسلم (906) (16) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              وقول عائشة : ففزع فأخطأ بدرع ، قد تقدم الكلام على الفزع ، ومعنى : أخطأ بدرع ; أي أخطأ في ثوبه فلبس درعا غيره لاستعجاله ، وفي بعض الروايات : فخطا بدرع - ثلاثيا - . قال القاضي : ولعله : خطئ . قال ابن عرفة : أخطأ في العمد وغيره ، وخطئ بمعناه ، وكلاهما مهموز . وقال الأزهري : أخطأ : إذ لم يتعمد ، وخطئ : إذا تعمد . والخطأ : ضد الصواب ، مهموز يمد ويقصر ، والمد قليل ، والمصدر ممدود : خطاء وإخطاء . والخطء - بكسر الخاء وسكون الطاء - : الإثم ، فأما الخطاء بالكسر والمد : فهو من التخطي . قلت : ويظهر لي أن معنى قولها : أخطأ بدرع ; أي : أخطأ فانصرف بدرع وحده من غير رداء ، ولذلك قالت : حتى أدرك بردائه . وأما رواية من رواه : فخطا ; فأظن تلك الرواية وقعت بغير همز ; من الخطو ، يقال : خطا يخطو خطوا ، والواحدة : خطوة ; كما قال الشاعر :

                                                                                              ومر يخطو سريعا في تأوده يا ليته في سواد الناظرين خطا



                                                                                              فيكون معناه : أنه مشى خطوات بدرعه من غير رداء حتى أدرك بردائه ، والله أعلم .

                                                                                              [ ص: 568 ] وقوله : إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله - تعالى - ; أي : إن كسوفهما آية من آيات الله ; لأنه الذي خرج الحديث بسببه ، ثم هل يتعدى الأمر بالصلاة عند الكسوف إلى كل آية مخوفة ; كالزلازل والصواعق ، والرياح الشديدة ، وشبهه من الآيات ؟ فذهب أحمد وإسحاق وأبو ثور وأشهب إلى الصلاة عند ذلك كله . وقد روي عن مالك ، وروي عن ابن عباس وابن مسعود ، والمشهور عن مالك والشافعي والجمهور : أن ذلك مخصوص بالكسوف ; لأن قوله : هما آيتان . لم يخرج مخرج التعليل ، وإنما خرج مخرج الإعلام ; كما قال : فإنهما لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ، وإنما هما آيتان من آيات الله . والله أعلم .




                                                                                              الخدمات العلمية