الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين ما ننزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذا منظرين

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : " وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر " قال مقاتل : نزلت في عبد الله بن أبي أمية ، والنضر بن الحارث ، ونوفل بن خويلد ، والوليد بن المغيرة . قال ابن عباس : والذكر : القرآن . وإنما قالوا هذا استهزاء ، لو أيقنوا أنه نزل عليه الذكر ، ما قالوا : " إنك لمجنون " . قال أبو علي الفارسي : وجواب هذه الآية في سورة أخرى في قوله : ما أنت بنعمة ربك بمجنون [القلم :2] .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : " لو ما تأتينا " قال الفراء : " لوما " و " لولا " لغتان معناهما : هلا ، وكذلك قال أبو عبيدة : هما بمعنى واحد ، وأنشد لابن مقبل :


                                                                                                                                                                                                                                      لوما الحياء ولوما الدين عبتكما ببعض ما فيكما إذ عبتما عوري



                                                                                                                                                                                                                                      قال المفسرون : إنما سألوا الملائكة ليشهدوا له بصدقه ، وأن الله أرسله ، فأجابهم الله تعالى بقوله : " ما ننـزل الملائكة إلا بالحق " قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر " ما تنـزل " بالتاء المفتوحة " الملائكة " بالرفع . وروى أبو بكر [ ص: 384 ] عن عاصم " ما تنـزل " بضم التاء على ما لم يسم فاعله . وقرأ حمزة ، والكسائي ، وحفص عن عاصم ، وخلف " ما ننـزل " بالنون والزاي المشددة " الملائكة " نصبا .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي المراد بالحق أربعة أقوال :

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها : أنه العذاب إن لم يؤمنوا ، قاله الحسن . والثاني : الرسالة ، قاله مجاهد . والثالث : قبض الأرواح عند الموت ، قاله ابن السائب . والرابع : أنه القرآن ، حكاه الماوردي .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : " وما كانوا " يعني : المشركين " إذا منظرين " أي : عند نزول الملائكة إذا نزلت .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية