الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                القاعدة الرابعة عشرة " الزائل العائد ، هل هو كالذي لم يزل ، أو كالذي لم يعد ؟ " فيه خلاف . والترجيح مختلف ، فرجح الأول في فروع : منها : إذا طلق قبل الدخول ، وقد زال ملكها عن الصداق وعاد ، تعلق بالعين في الأصح .

                ومنها : إذا طلقت رجعيا . عاد حقها في الحضانة في الأصح . ومنها : إذا تخمر المرهون بعد القبض ، ثم عاد خلا ، يعود رهنا في الأصح .

                ومنها : إذا باع ما اشتراه ، ثم علم به عيبا ، ثم عاد إليه بغير رد : فله رده ، في الأصح .

                ومنها : إذا خرج المعجل له الزكاة في أثناء الحول عن الاستحقاق ، ثم عاد . تجزئ في الأصح .

                ومنها : إذا فاتته صلاة في السفر ، ثم أقام ، ثم سافر . يقصرها ، في الأصح .

                ومنها : إذا زال ضوء إنسان ، أو كلامه ، أو سمعه ، أو ذوقه ، أو شمه ، أو أفضاها ثم عاد . يسقط القصاص ، والضمان ، في الأصح .

                ورجح الثاني في فروع : منها : لو زال الموهوب عن ملك الفرع ، ثم عاد ، فلا رجوع للأصل في الأصح .

                ومنها : لو زال ملك المشتري ، ثم عاد وهو مفلس ، فلا رجوع للبائع في الأصح .

                [ ص: 177 ] ومنها : لو أعرض عن جلد ميتة ، أو خمر ، فتحول بيد غيره ، فلا يعود الملك في الأصح .

                ومنها : لو رهن شاة ، فماتت ، فدبغ الجلد ، لم يعد رهنا في الأصح .

                ومنها : لو جن قاض ، أو خرج عن الأهلية ، ثم عاد . لم تعد ولايته في الأصح .

                ومنها : لو قلع سن مثغور ، أو قطع لسانه ، أو أليته فنبتت ، أو أوضحه ; أو أجافه ، فالتأمت . لم يسقط القصاص ، والضمان في الأصح .

                ومنها : لو عادت الصفة المحلوف عليها ، لم تعد اليمين في الأصح .

                ومنها : لو هزلت المغصوبة عند الغاصب ، ثم سمنت . لم يجبر . ولم يسقط الضمان في الأصح .

                ومنها : إذا قلنا : للمقرض الرجوع في عين القرض ، ما دام باقيا بحاله . فلو زال وعاد فهل يرجع في عينه ؟ وجهان في الحاوي .

                قلت : ينبغي أن يكون الأصح : لا .

                تنبيه :

                جزم بالأول في صور : منها : إذا اشترى معيبا وباعه ، ثم علم العيب ورد عليه به ، فله رده قطعا .

                ومنها : إذا فسق الناظر ، ثم صار عدلا ، وولايته بشرط الواقف منصوصا عليه . عادت ولايته ، وإلا فلا . أفتى به النووي ، ووافقه ابن الرفعة ، وجزم بالثاني في صور :

                منها : إذا تغير الماء الكثير بنجاسة ، ثم زال التغير . عاد طهورا ، فلو عاد التغير بعد زواله والنجاسة غير جامدة ، لم يعد التنجيس قطعا . قاله في شرح المهذب .

                ولو زال الملك عن العبد قبل هلال شوال ، ثم ملكه بعد الغروب . لا تجب عليه فطرته قطعا .

                ولو سمع بينته ثم عزل قبل الحكم ثم عادت ولايته فلا بد من إعادتها قطعا .

                ولو قال : إن دخلت دار فلان ما دام فيها ، فأنت طالق فتحول ، ثم عاد إليها ، لا يقع الطلاق قطعا ; لأن إدامة المقام ، التي انعقدت عليها اليمين قد انقطعت . وهذا عود جديد ، وإدامته إقامة مستأنفة ، نقله الرافعي .

                فرع :

                وقع في الفتاوى : أن رجلا وقف على امرأته ما دامت عزبا ، يعني بعد وفاته . فتزوجت ثم عادت عزبا ، فهل يعود الاستحقاق أو لا ؟ . وقد اختلف فيه مشايخنا . فأفتى شيخنا [ ص: 178 ] قاضي القضاة شرف الدين المناوي ، وبعض الحنفية : بالعود . وأفتى شيخنا البلقيني ، وكثير : بعدمه . وهو المتجه .

                ثم رأيت في تنزيه النواظر ، في رياض الناظر للإسنوي ما نصه : الحكم المعلق على قوله : " ما دام كذا وكذا " ينقطع بزوال ذلك ، وإن عاد .

                مثاله : إذا حلف لا يصطاد ما دام الأمير في البلد . فخرج الأمير ، ثم عاد ، فاصطاد الحالف فإنه لا يحنث ; لأن الدوام ، قد انقطع بخروجه ، كذا نقله الرافعي .

                قال الإسنوي : وقياسه : أنه إذا وقف على زيد ; ما دام فقيرا ، فاستغنى ، ثم افتقر لم يستحق شيئا .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية