الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            36 - 59 - 2 - باب .

                                                                                            14252 - عن الفضل بن العباس قال : جاءني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخرجت إليه ، فوجدته موعوكا ، قد عصب رأسه قال : " خذ بيدي يا فضل " . فأخذت بيده حتى انتهى [ ص: 26 ] إلى المنبر ، فجلس عليه ، ثم قال : " صح في الناس " . فصحت في الناس فاجتمع ناس ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : " يا أيها الناس ، إني قد دنا مني حقوق من بين أظهركم ; فمن كنت جلدت له ظهرا فهذا ظهري فليستقد منه ، ألا ومن كنت قد شتمت له عرضا فهذا عرضي فليستقد منه ، ومن كنت أخذت له مالا فهذا مالي فليستقد منه ، لا يقولن رجل : إني أخشى الشحناء من قبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألا وإن الشحناء ليست من طبيعتي ولا من شأني ، ألا وإن أحبكم إلي من أخذ حقا إن كان له ، أو حللني ، فلقيت الله وأنا طيب النفس ، ألا وإني لا أرى ذلك مغنيا عني حتى أقوم فيكم مرارا " . ثم نزل فصلى الظهر ، ثم عاد إلى المنبر ، فعاد لمقالته في الشحناء أو غيرها ، ثم قال : " يا أيها الناس ، من كان عنده شيء فليرده ، ولا يقل : فضوح الدنيا ، ألا وإن فضوح الدنيا أيسر من فضوح الآخرة " . فقام إليه رجل فقال : يا رسول الله ، إن لي عندك ثلاثة دراهم . قال : " أما إنا لا نكذب قائلا ، ولا نستحلفه ، فبم صارت لك عندي ؟ " . قال : تذكر يوم مر بك مسكين فأمرتني أن أدفعها إليه ؟ فقال : " ادفعها إليه يا فضل " . ثم قام إليه رجل آخر قال : عندي ثلاثة دراهم غللتها في سبيل الله . قال : " ولم غللتها ؟ " . قال : كنت محتاجا إليها . قال : " خذها يا فضل " . ثم قال : " أيها الناس ، من خشي من نفسه شيئا فليقم أدع له " . فقام رجل فقال : يا رسول الله ، والله إني لكذاب ، وإني لمنافق ، وإني لنؤوم ؟ قال : " اللهم ارزقه صدقا ، وإيمانا ، وأذهب عنه النوم إذا أراد " . ثم قام آخر فقال : يا رسول الله ، إني لكذاب ، وإني لمنافق ، وما من شيء من الأشياء إلا وقد أتيته ! فقال له عمر : يا هذا فضحت نفسك ! قال : " مه يا ابن الخطاب ، فضوح الدنيا أيسر من فضوح الآخرة " . ثم قال : " اللهم ارزقه صدقا ، وإيمانا ، وصير أمره إلى خير " .

                                                                                            فكلمهم عمر بكلمة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " عمر معي ، وأنا معه ، والحق بعدي مع عمر حيث كان "
                                                                                            .

                                                                                            رواه الطبراني في الكبير والأوسط ، وأبو يعلى بنحوه ، وقال في آخره : فقام رجل ، فقال : يا رسول الله ، إني رجل جبان ، كثير النوم . قال : فدعا له . قال الفضل : فلقد رأيته أشجعنا ، وأقلنا نوما . قال : ثم أتى بيت عائشة ، فقال للنساء مثل ما قال للرجال ، ثم قال : " ومن غلب عليه شيء فليسألنا ندع له " . قال : فأومأت امرأة إلى لسانها قال : فدعا لها . قال : فلربما قالت لي : يا عائشة ، أحسني صلاتك .

                                                                                            وفي إسناد أبي يعلى عطاء بن مسلم ، وثقه ابن حبان وغيره ، وضعفه جماعة ، وبقية رجال أبي يعلى ثقات ، وفي إسناد الطبراني من لم أعرفهم .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية