الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 150 ] ( ولا يجوز المسح على خف فيه خرق كبير يبين منه قدر ثلاث أصابع من أصابع الرجل ، فإن كان أقل من ذلك جاز ) وقال زفر والشافعي رحمهما الله لا يجوز وإن قل لأنه لما وجب غسل البادي وجب غسل الباقي . ولنا أن الخفاف لا تخلو عن قليل خرق عادة فيلحقهم الحرج في النزع وتخلو عن الكبير فلا حرج ، والكبير أن ينكشف قدر ثلاثة أصابع من أصابع الرجل أصغرها [ ص: 151 ] هو الصحيح لأن الأصل في القدم هو الأصابع والثلاث أكثرها فيقام مقام الكل ، واعتبار الأصغر للاحتياط ولا معتبر بدخول الأنامل إذا كان لا ينفرج عند المشي ، ويعتبر هذا المقدار في كل خف على حدة فيجمع الخرق في خف واحد ولا يجمع في خفين لأن الخرق في أحدهما لا يمنع قطع السفر بالآخر ، بخلاف النجاسة المتفرقة لأنه حامل للكل وانكشاف العورة نظير النجاسة .

التالي السابق


( قوله فيه خرق كبير يبين منه إلخ ) يعني إذا كان في محل الفرض منفرجا أو ينفرج عند المشي ، فإن كان شقا لا يظهر ما تحته ، إن كان أكثر من ثلاث أصابع أو يظهر منه دونها وهو أكبر منها لا يمنع ، ولو كان في الكعب لم يمنع وإن كثر كذا في الاختبار . وفي الفتاوى : فإن كان الخرق في موضع العقب إن كان يخرج منه أقل من نصف العقب جاز المسح عليه ، وإن كان أكثر لا يجوز . وعن أبي حنيفة في رواية : يمسح حتى يبدو أكثر من نصف العقب .

ثم قيد في شرح الكنز كونها أصغر الأصابع بما إذا كان الخرق في غير موضع الأصابع ، فإن كان فيه اعتبر ثلاث منها ، فلو انكشف الأكبر وما يليه لا يمنع وإن كان قدر الثلاث الأخر ، ولو كان الخرق تحت القدم فإن كان أكثر القدم منع كذا في الاختيار .

وذكره في الغاية بلفظ قيل ، وعلله بأن موضع الأصابع يعتبر بأكثرها فكذا القدم ، ولو صح هذا التعليل لزم أن لا يعتبر قدر ثلاث أصابع أصغرها إلا إذا كان عند أصغرها لأن كل موضع حينئذ إنما يعتبر بأكثره ، ولو لم يكن له أصابع اعتبر بأصابع غيره ، وقيل بأصابعه لو كانت قائمة ( قوله ولنا أن الخفاف إلخ ) لازمه إذا تأملت منع وجوب غسل البادي فإنه يعتبر عدما لقلته ولزوم الحرج في اعتباره إذ غالب الخفاف لا تخلو عنه عادة ، والشرع علق المسح بمسمى الخف وهو الساتر المخصوص الذي تقطع به المسافة والاسم مطلقا يطلق عليه ، بخلاف المشتمل على الكبير فإنه إن ترك في التعبير عنه باسم الخف تقييده بمخروق فهو مراد فليس بخف مطلق ولأنه لا تقطع المسافة به إذ لا يمكن تتابع المشي [ ص: 151 ] فيه والخف مطلقا ما يقطع به فليس به ( قوله هو الصحيح ) احتراز عن رواية الحسن ثلاث أصابع اليد ، وعما مال إليه السرخسي من أن ظهور قدر ثلاث أنامل من أصابع الرجل يمنع ( قوله وتجمع الخروق ) لقائل أن يقول : لا داعي إلى جمعها وهو اعتبارها كأنها في مكان واحد لمنع المسح لأن امتناعه فيما إذا اتحد المكان حقيقة لانتفاء معنى الخف بامتناع قطع المسافة المعتادة به لا لذاته ولا لذات الانكشاف من حيث هو انكشاف ، وإلا لوجب الغسل في الخرق الصغير ، وهذا المعنى منتف عند تفرقها صغيرة كقدر الحمصة والفولة لإمكان قطعها مع ذلك وعدم وجوب غسل البادي .




الخدمات العلمية