الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
717 - وعن عائشة رضي الله عنها ، قالت : أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببناء المسجد في الدور ، وأن ينظف ويطيب ، رواه أبو داود والترمذي ، وابن ماجه .

التالي السابق


717 - ( وعن عائشة قالت : أمر ) ، أي : أذن ( رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببناء المسجد في الدور ) : جمع دار ، وهو اسم جامع للبناء والعرصة والمحلة ، والمراد المحلات فإنهم كانوا يسمون المحلة التي اجتمعت فيها قبيلة دارا ، أو محمول على اتخاذ بيت في الدار للصلاة ، كالمسجد يصلي فيه أهل البيت ، قاله ابن الملك ، والأول هو المعول وعليه العمل ، ثم رأيت ابن حجر ذكر أنه المراد به هاهنا المحلات والقبائل ، وحكمة أمره لأهل كل محلة ببناء مسجد فيها أنه قد يتعذر أو يشق على أهل محلة الذهاب للأخرى ، فيحرمون أجر المسجد وفضل إقامة الجماعة فيه ، فأمروا بذلك ليتيسر لأهل كل محلة العبادة في مسجدهم من غير مشقة تلحقهم ، وقال البغوي : قال عطاء : لما فتح الله تعالى على [ ص: 604 ] عمر رضي الله عنه الأمصار ، أمر المسلمين ببناء المساجد ، وأمرهم أن لا يبنوا مسجدين يضار أحدهما الآخر ، ومن المضارة فعل تفريق الجماعة إذا كان هناك مسجد يسعهم ، فإن ضاق سن توسعته أو اتخاذ مسجد يسعهم ( وأن ينظف ) ، بإزالة النتن والعذرات والتراب ( ويطيب ) ، بالرش أو العطر ، قال ابن حجر : أي وأمر - عليه السلام - أيضا بشيء آخر يتعلق بالمسجد ، ويتعين المحافظة عليه وهو أن يطيب وينظف اهـ .

وتقديم " يطيب " ليس بطيب ، لمخالفته الرواية والدراية الموافقة للنسخ المصححة ، ( رواه أبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه ) ، قال ميرك وابن حبان في صحيحه ، قال ابن حجر : وبه يعلم أنه يستحب تجمير المسجد بالبخور خلافا لمالك حيث كرهه ، فقد كان عبد الله يجمر المسجد إذا قعد عمر رضي الله عنه على المنبر ، واستحب بعض السلف تخليق المسجد بالزعفران والطيب ، وروي عنه - عليه السلام - فعله ، وقال الشعبي : هو سنة ، وأخرج ابن أبي شيبة أن ابن الزبير لما بنى الكعبة طلى حيطانها بالمسك ، وأنه يستحب أيضا كنس المسجد وتنظيفه ، وقد روى ابن أبي شيبة ، أنه - عليه السلام - كان يتتبع غبار المسجد بجريدة .




الخدمات العلمية