الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2024 - ( 5 ) - قوله : { ويروى أن عليا كرم الله وجهه جلد شراحة الهمدانية ، ثم رجمها ، وقال : جلدتها بكتاب الله ، ورجمتها بسنة رسول الله }. 2025 - وروي عن جابر : { أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم ماعزا ولم يجلده ، ورجم الغامدية ولم يرد أنه جلدها }.

2026 - وحديث عبادة منسوخ بفعله هذا .

2027 - وما نقل عن علي فعن عمر خلافه ، انتهى .

فأما حديث عبادة فتقدم ، وأما حديث الغامدية فتقدم قبله أيضا ، وأما حديث جابر فهو ابن سمرة ، وقد رواه أحمد والبيهقي عنه بلفظ : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجم ماعز بن مالك }. ولم يذكر جلدا .

وأما قصة علي مع [ ص: 99 ] شراحة ، فرواها أحمد والنسائي والحاكم من حديث الشعبي ، عن علي ، وأصله في صحيح البخاري ، ولم يسمها ، وأما قوله : فعن عمر خلافه ، يعني : أن عليا فعل ذلك مجتهدا ، وأن عمر تركه مجتهدا فتعارضا . ولم أره عن عمر صريحا ، وقد يجوز أن يكون عنى به حديث عمر المتقدم ، فإنه لم يذكر فيه إلا الرجم ، وكذا ما أخرجه الطحاوي من رواية أبي واقد الليثي : أن عمر قال : " فإن اعترفت فارجمها " .

2028 - ( 6 ) - حديث هند بنت عتبة في البيعة : { أوتزني الحرة ؟ ، } الحازمي في الناسخ والمنسوخ من طريق خالد الطحان ، عن حصين ، عن الشعبي في قصة مبايعة هند بنت عتبة ، وفيه : { فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ولا يزنين . قالت : أو تزني الحرة ؟ ، لقد كنا نستحي من ذلك في الجاهلية : فكيف في الإسلام ؟ }.

وهذا مرسل ، وأسنده أبو يعلى الموصلي من طريق أم عمرو المجاشعية قالت : حدثتني عمتي ، عن جدتي ، { عن عائشة قالت : جاءت هند بنت عتبة تبايع . فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبايعك على ألا تشركي بالله شيئا . ولا تسرقي ، ولا تزني . قالت : أو تزني الحرة ؟ ، قال : ولا تقتلي ولدك . قالت : وهل تركت لنا أولادا فنقتلهم ؟ قال : فبايعته }. الحديث ، وفي إسناده مجهولات .

وروى ابن منده في معرفة الصحابة من طريق يعقوب بن محمد ، عن عبد الله بن محمد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : { قالت هند لأبي سفيان : إني أريد أن أبايع محمدا ، قال : فإن فعلت فاذهبي معك برجل من قومك ، قال : فذهبت إلى عثمان ، فذهب معها ، فدخلت متنقبة ، فقال : تبايعي على ألا تشركي بالله شيئا ، ولا تسرقي ، ولا تزني . فقالت : وهل تزني الحرة ؟ قال : ولا تقتلي ولدك [ ص: 100 ] فقالت : إنا ربيناهم صغارا ، وقتلتهم كبارا ، قال : قتلهم الله يا هند فلما فرغ من الآية بايعته ، وقالت : يا رسول الله : إن أبا سفيان رجل بخيل ، ولا يعطيني ما يكفيني ، إلا ما أخذت منه من غير علمه ، قال : ما تقول يا أبا سفيان ؟ فقال أبو سفيان : أما يابسا فلا ، وأما رطبا فأحله . قال عروة : فحدثتني عائشة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها : خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف }وقال أبو نعيم في المعرفة أيضا : تفرد به عبد الله بن محمد بهذا السياق ، قلت : وهو ضعيف جدا . قال أبو حاتم : الراوي متروك الحديث .

ونسبه ابن حبان إلى الوهم ، وظاهر سياقه أولا أن أبا سفيان لم يكن حاضرا ، وفي آخره أنه كان حاضرا ، فيحمل إن صح على أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل إليه فجاء ، فقال ذلك ، ويدل على ذلك ما روى الحاكم في المستدرك من طريق فاطمة بنت عتبة بن ربيعة أخت هند { أن أبا حذيفة بن عتبة ذهب بها وبأختها هند تبايعان رسول الله ، فلما اشترط عليهن ، قالت هند : أوتعلم في نساء قومك من هذه الهنات شيئا ؟ فقال لها أبو حذيفة : بايعيه ، فإنه هكذا يشترط }.

ورواه في تفسير سورة الامتحان من حديث فاطمة أيضا ، وفيه { فقالت هند : لا أبايعك على السرقة ، إني أسرق من زوجي ، فكف حتى أرسل إلى أبي سفيان يتحلل لها منه ، فقال أبو سفيان : أما الرطب فنعم ، وأما اليابس فلا ، ولا نعمة ، قالت : فبايعناه } ، وساق السهيلي في الروض هذه القصة على خلاف هذا ، فينظر من أين نقله . ثم وجدته في مغازي الواقدي : وأنه بايعهن على الصفا ، وهو وعمر يكلمهن عنه ، والذي في الصحيح أصح ، وليس فيه أن سؤالها عن النفقة كان حال المبايعة ولا أن أبا سفيان كان شاهدا لذلك منها ، وقد احتج به جماعة من الأئمة على جواز القضاء على الغائب ، وفيه نظر ; لأنه كان حاضرا في البلد قطعا ، ولكن الخلاف الذي في الأحاديث هل شهد القصة حالة المبايعة ، أو لا ؟ والراجح أنه لم يشهدها ، والله سبحانه وتعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية