الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وفرضه الأولى ) المغنية عن القضاء [ ص: 269 ] وغيرها بناء على ما مر من ندب إعادتها ( في الجديد ) للخبر الأول ولسقوط الطلب بها .

                                                                                                                              ( ، والأصح أنه ينوي بالثانية الفرض ) صورة حتى لا يكون نفلا مبتدأ أو ما هو فرض على المكلف في الجملة لا عليه هو ؛ لأنه إنما أعادها لينال ثواب الجماعة في فرضه ، وإنما يناله إن نوى الفرض و ؛ لأن حقيقة الإعادة إيجاد الشيء ثانيا بصفته الأولى وبهذا مع اشتراطهم في الوضوء المجدد أنه لا بد فيه من نية مجزئة في الوضوء الأول يتجه ما هنا دون ما اعتمده في الروضة ، والمجموع أنه يكفي نية الظهر مثلا على أنه اعترض أيضا بأنه اختيار للإمام وليس وجها فضلا عن كونه معتمدا أما إذا نوى حقيقة الفرض فتبطل صلاته لتلاعبه ولو بان فساد الأولى لم تجزئه الثانية على المنقول المعتمد عند المصنف في رءوس المسائل وكثيرين وقال الغزالي تجزئه وتبعه ابن العماد وتبعه شيخنا في شرح منهجه غافلين عن بنائه له على رأيه أن الفرض أحدهما كذا قيل وفيه نظر بل الوجه البطلان على القولين أما على الثاني فواضح ؛ لأنه صرفها عن ذلك [ ص: 270 ] بنية غير الفرض وكذا على الأول ؛ لأنه ينوي به غير حقيقته وتأييد الإجزاء بغسل اللمعة في الوضوء للتثليث وإقامة جلسة الاستراحة مقام الجلوس بين السجدتين ليس في محله ؛ لأن ما هنا في فعل مستأنف فهو كانغسال اللمعة في وضوء التجديد وقد قالوا بعدم إجزائه ؛ لأن نيته لم تتوجه لرفع الحدث أصلا فهذا هو نظير مسألتنا .

                                                                                                                              وأما غسلها للتثليث ، فإنما أجزأ ؛ لأن نيته اقتضت أن لا يكون ثانية ولا ثالثة إلا بعد تمام الأولى ولا جلسة استراحة إلا بعد جلوس بين السجدتين فنيته متضمنة حسبان هذين ، وأما نيته في الأولى هنا فلم يتعرض لفعل الثانية بوجه وجودا ولا عدما فأثر فيها ما قارنها مما منع وقوعها فرضا كما تقرر نعم يؤخذ من كلامهم في غسل اللمعة للنسيان أنه لو نسي هنا فعل الأولى فصلى مع جماعة ثم بان فساد الأولى أجزأته الثانية لجزمه بنيتها حينئذ ( تنبيه ) يجب فيها القيام كما مر ويحرم القطع ؛ لأنهم أثبتوا لها أحكام الفرض لكونها على صورته ولا ينافيه جواز جمعها مع الأصلية بتيمم واحد ويفرق بأن النظر هنا لحيثية الفرض وثم لصورته لما تقرر أنها على صورة الأصلية فروعي فيها ما يتعلق بالصورة وهو النية والقيام وعدم الخروج ونحوها لا مطلقا فتأمله .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : وغيرها ) أي وغير المغنية ش ( قوله من ندب إعادتها ) أي غير المغنية ش ( قوله : ولسقوط الطلب بها ) ولا ينافي سقوطه وجوب القضاء في غير المغنية ؛ لأنه بأمر جديد ( قوله : ولا ينافي إلخ ) ضرب على هذه القولة بالقلم ثم كتب الظاهر أن المضروب عليه صحيح فتأمله ( قوله وبهذا مع اشتراطهم في الوضوء المجدد إلخ ) قد يقال هذا لا يؤيده ما هنا ؛ لأنه يكفي في الوضوء المجدد النية المناسبة له وللأصل كنية الوضوء ولا تجب له النية التي لا تناسب إلا الأصل كنية رفع الحدث بخلاف ما هنا حيث أوجبوا نية الفرضية التي لا تناسب إلا الأصل ( قوله اعترض أيضا بأنه اختيار للإمام إلخ ) قد يقال اختيار الإمام لا ينحط عن احتماله المعدود عند الشيخين من الوجوه ( قوله على القولين ) [ ص: 270 ] المراد بهما الأصح ومقابله بدليل التوجيه ( قوله أجزأته الثانية ) اعتمده م ر .

                                                                                                                              ( قوله : ويحرم القطع ) فيه نظر ظاهر ، والظاهر خلافه ثم رأيته في شرح العباب قال ما نصه وقضية ما مر من وجوب القيام ونية الفرضية أن المعادة تلزم بالشروع فلا يجوز قطعها من غير عذر وفيه نظر بل الذي يظهر جوازه ، وإن قلنا بذلك ؛ لأن القصد بها حكاية الصورة ، وأما جواز الخروج فهو حكم من أحكام النفل لا تعلق له بتلك الحكاية فكان على أصله ويؤيده قول الشيخ أبي علي ونحوه بجواز فعل المعادة مع الأولى بتيمم واحد . ا هـ . .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( وفرضه الأولى ) ، وإنما يكون فرضه الأولى إذا أغنت عن القضاء وإلا ففرضه الثانية المغنية عنه على المذهب كذا في المغني ، والنهاية وهو متجه على [ ص: 269 ] طريقة صاحب المغني المتقدمة ، وأما على طريقة صاحب النهاية فلا لما سبق من أنه موافق للشارح فيما مر فليحرر بصري ولك أن تقول مخالفة المغني للشارح ، والنهاية إنما هو في جواز الإعادة بصفة عدم الإغناء كإعادة المقيم المتيمم بالتيمم وكلام النهاية ، والمغني هنا في الإعادة بصفة الإغناء كإعادة المقيم بالوضوء ما صلاه بالتيمم فلا منافاة بين كلامي النهاية ثم رأيت في الكردي ما نصه قوله وغيرها عطف على المغنية أي وفرضها الأولى الغير المغنية أيضا بناء على ما مر قبيل قول المصنف وحده من ندب إعادة غير المغنية يعني إذا كانت المعادة أيضا غير مغنية عن القضاء ففرضه الأولى الغير المغنية ، وأما إذا كانت مغنية لا الأولى ففرضه الثانية وهو ظاهر . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وغيرها ) أي غير المغنية و ( قوله : من ندب إعادتها ) أي غير المغنية ش . ا هـ . سم ( قوله : للخبر الأول ) إلى المتن في المغني وإلى قوله ولا ينافيه في النهاية إلا قوله مع اشتراطهم إلى يتجه وقوله على المنقول إلى نعم يؤخذ ( قوله للخبر الأول ) أي { ، فإنها لكما نافلة } نهاية قول المتن ( في الجديد ) ، والقديم ونص عليه في الإملاء أيضا أن الفرض إحداهما يحتسب أي يقبل منهما ما شاء وقيل الفرض كلاهما ، والأولى مسقطة للحرج لا مانعة من وقوع الثانية فرضا كصلاة الجماعة لو صلاها جمع مثلا سقط الحرج عن الباقين فلو صلاها طائفة أخرى وقعت الثانية فرضا أيضا وقيل الفرض أكملهما نهاية ومغني ( قوله : ولسقوط الطلب بها ) ولا ينافي سقوطه وجوب القضاء في غير المغنية ؛ لأنه بأمر جديد سم قول المتن ( ، والأصح ) أي على الجديد نهاية ومغني ( قوله : صورة ) أي لا الحقيقي ع ش

                                                                                                                              ( قوله : حتى لا تكون نفلا مبتدأ ) أي لأجل أن لا تكون نفلا لم يسبق له اتصاف بالفرضية بجيرمي ( قوله أو ما هو فرض على المكلف إلخ ) أي من حيث هو بقطع النظر عن خصوص حال الفاعل ولذلك قال في الجملة لا عليه ، والظاهر أنه لا يجب أن يلاحظ ما ذكر في نيته بل الشرط أن لا ينوي حقيقة الفرض كما قاله الحلبي . ا هـ .

                                                                                                                              بجيرمي ويأتي عن سم والطبلاوي و م ر ما يوافقه ( قوله : لأنه إلخ ) تعليل للمتن ( قوله : وبهذا ) أي بالتعليل الثاني ( قوله : يتجه ما هنا ) أي في المنهاج عبارة النهاية وما تقرر من وجوب نية الفرضية هو المعتمد ، وإن رجح في الروضة ما اختاره الإمام من عدم وجوبها وأنه يكفي إلخ واعتمد الخطيب في الإقناع ما اختاره الإمام وقال في المغني بعد ذكر الوجهين ما نصه وجمع شيخي بين ما في الكتاب وما في الروضة بأن ما في الكتاب إنما هو لأجل محل الخلاف وهو هل فرضه الأولى أو الثانية أو يحتسب الله ما شاء منهما وما في الروضة على القول الصحيح وهو أن فرضه الأولى ، والثانية نفل فلا يشترط فيها نية الفرضية وهذا جمع حسن . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أنه يكفي نية الظهر إلخ ) أي ولا يتعرض لفرضية مغني ( قوله : اعترض أيضا بأنه إلخ ) قد يقال اختيار الإمام لا ينحط عن احتماله أي الإمام المعدود عند الشيخين من الوجوه سم ( قوله : أما إذا نوى حقيقة الفرض إلخ ) أي أو أطلق أخذا من قوله صورة أو ما هو فرض على المكلف إلخ لكن في سم على المنهج ما نصه فرع المتجه وفاقا لشيخنا الطبلاوي وم ر أنه إذا أطلق نية الفرضية في المعادة لم يضر ، وإن لم يلاحظ كونها فرضا صورة أو فرضا على المكلف في الجملة انتهى . ا هـ . ع ش ( قوله : ولو بان ) إلى قوله كذا قيل في المغني إلا قوله وتبعه إلى على رأيه ( قوله : وكثيرين ) عطف على المصنف ( قوله : غافلين ) أي ابن العماد والشيخ ( قوله عن بنائه إلخ ) أي الغزالي و ( قوله : أن الفرض إلخ ) بيان لرأي الغزالي ( قوله : على القولين ) هل المراد بهما الأصح ومقابله بدليل التوجيه سم ( قوله : أما على الثاني ) أي مقابل الأصح ( قوله : عن ذلك ) أي عن [ ص: 270 ] الفرضية

                                                                                                                              ( قوله بنية غير الفرض ) لعل الأنسب بعدم نية الفرضية ( قوله : على الأول ) أي الأصح ( قوله : بغسل اللمعة ) أي بأجزائه ( قوله ليس في محله ) خبر وتأييد الأجزاء ( قوله : فهذا ) أي الانغسال في التجديد ( قوله : وأما غسلها للتثليث ) كان ينبغي ليطابق سابقه ويصح عطف قوله ولا جلسة إلخ على قوله ثانية إلخ أن يزيد هنا قوله وجلسة الاستراحة فتأمل ( قوله : ثانية إلخ ) فاعل تكون ( قوله فنيته ) أي المذكور من المتوضئ ، والمصلي ( قوله : حسبان هذين ) أي غسل اللمعة وجلسة الاستراحة ( قوله : وأما نيته في الأولى ) أي نية المعيد في الصلاة الأولى ( قوله فلم يتعرض ) الأولى التأنيث ( قوله فيهما ) أي الثانية ( قوله : كما تقرر ) أي في قوله أما على الثاني إلخ ( قوله : مع جماعة ) يظهر أنه تصوير لا تقييد فتأمل بصري أي إنما ذكره لكون الكلام في إعادة شرطها مع الجماعة ( قوله : ويحرم القطع ) فيه نظر ، والظاهر خلافه ثم رأيته في شرح العباب قال ما نصه وقضية ما مر من وجوب القيام ونية الفرضية أن المعادة تلزم بالشروع فلا يجوز قطعها من غير عذر وفيه نظر بل الذي يظهر جوازه ، وإن قلنا بذلك ؛ لأن القصد بهما حكاية الصورة ، وأما جواز الخروج فهو حكم من أحكام النفل لا تعلق له بتلك الحكاية فكان على أصله ويؤيده قول الشيخ أبي علي ونحوه بجواز فعل المعادة مع الأولى بتيمم واحد انتهى . ا هـ .

                                                                                                                              سم ( قوله : ولا ينافيه ) أي ما ذكر من وجوب القيام وحرمة القطع ( قوله : هنا ) أي في جواز الجمع بتيمم واحد ( قوله : ونحوها ) لعله أدخل به الاستقبال في السفر و ( قوله لا مطلقا ) أخرج به عدم جواز الجمع بتيمم واحد .




                                                                                                                              الخدمات العلمية