الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 157 ] قوله ( وإن اشتراه بنصاب من السائمة لم يبن على حوله ) وكذا لو باعه بنصاب من السائمة ، وهذا بلا نزاع فيهما ، إلا أن يشتري نصاب سائمة للتجارة بنصاب سائمة للقنية ، فإنه يبني على الصحيح من المذهب . قال في الفروع : يبني في الأصح ، وجزم به جماعة ، وقيل : لا يبني .

قوله ( وإن ملك نصابا من السائمة للتجارة فعليه زكاة التجارة دون السوم ) وهو المذهب ، وعليه أكثر الأصحاب ، وقيل : عليه زكاة السوم دون التجارة . ذكره القاضي وغيره ; لأنه أقوى للإجماع ، وتعلقها بالعين ، لكن إن نقص نصابه وجبت زكاة التجارة ، وقيل : يلزمه أن يزكي بالأحظ منهما للفقراء ، واختاره المجد في شرحه ، ويظهر أثر الخلاف في الأمثلة في الإبل والغنم ، وقد ذكرها هو ومن تبعه ، وأطلقهن في الفائق ، وابن تميم ، وقال في الروضة : يزكي النصاب للعين ، والوقص للقيمة .

تنبيه : ظاهر كلام المصنف : أنه سواء اتفق حولاهما أو لا . وهو أحد الوجهين ، والصحيح منهما ، وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله ، وجزم به المصنف وغيره ، وقيل : قدم السابق في حول السائمة أو التجارة ، اختاره المجد ; لأنه وجد سبب زكاته بلا معارض ، وأطلقهما في الفروع . قوله ( فإن لم تبلغ قيمتها نصاب التجارة ، فعليه زكاة السوم ) كأربعين شاة . قيمتها دون مائتين ، أو دون عشرين مثقالا ، وكذا الحكم في عكس هذه المسألة : لو كان عنده ثلاثون من الغنم قيمتها مائتا [ ص: 158 ] درهم ، أو عشرون مثقالا ، فعليه زكاة التجارة . هذا المذهب في المسألتين ، وقطع به كثير من الأصحاب ، قال المصنف : لا خلاف فيه ، وصححه المجد في شرحه ، وابن تميم ، وقدمه في الفروع وغيره ، واختاره القاضي في المجرد وغيره ، وقيل : لا يقدم ما تم نصابه ، بل يغلب حكم ما يغلب إذا اجتمع النصابان ، وإن أدى إلى إسقاط الزكاة . قاله أبو الخطاب في الخلاف ، وحكاه ابن عقيل عن شيخه من أنه متى نقصت قيمة الأربعين شاة عن مائتي درهم فلا شيء فيها ، قال المجد : وهذا ظاهر كلامه . قال في الفروع : وجزم غير واحد بأنه إن نقص نصاب السوم وجبت زكاة التجارة . انتهى .

[ تنبيه : هذا الحكم المتقدم فيما إذا لم تبلغ قيمتها نصاب التجارة كل الحول ] وهذا إذا لم يسبق حول السوم ، فأما إن سبق حول السوم ، وكانت قيمته أقل من نصاب في بعض الحول ، فلا زكاة مطلقا ، حتى يتم الحول من حين يبلغ النصاب في وجه اختاره القاضي ، وعن أحمد ما يدل عليه . وفي وجه آخر تجب زكاة السوم عند حوله ، فإذا حال حول التجارة وجبت زكاة الزائد على النصاب قلت : وهو الصواب ، وهو احتمال في الشرح ، ومال إليه ، وكذا حكى المصنف إذا سبق حول السوم ، وأطلقهما في الفروع ، وابن تميم ، وأما إن نقص عن نصاب جميع الحول وجبت زكاة السوم ، على أصح الوجهين . لئلا يسقط بالكلية ، صححه في الفروع ، وابن تميم ، واختاره القاضي ، وجزم به في المغني ، والشرح ، وقيل : لا تجب زكاة السوم .

التالي السابق


الخدمات العلمية