الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
720 - وعنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد ، وعرضت علي ذنوب أمتي ، فلم أر ذنبا أعظم من سورة من القرآن ، أو آية أوتيها رجل ثم نسيها ) ، رواه الترمذي ، وأبو دواد .

التالي السابق


720 - ( وعنه ) ، أي ; عن أنس ( قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( عرضت علي ) : الظاهر أنه في ليلة المعراج ( أجور أمتي ) ، أي : ثواب أعمالهم ( حتى القذاة ) ، بالرفع أو الجر وهي بفتح القاف ، قال الطيبي : القذاة هي ما يقع في العين من تراب أو تبن أو وسخ ، ولا بد في الكلام من تقدير مضاف ، أي : أجور أعمال أمتي ، وأجر القذاة ، أي : أجر إخراج القذاة إما بالجر ، وحتى بمعنى ( إلى ) ، والتقدير إلى إخراج القذاة وعلى هذا ( يخرجها الرجل من المسجد ) : جملة مستأنفة للبيان ، وإما بالرفع عما على أجور ، فالقذاة مبتدأ أو يخرجها خبره ( وعرضت علي ذنوب أمتي ، فلم أر ذنبا ) ، أي : يترتب على نسيان ( أعظم من سورة ) ، من ذنب نسيان سورة كائنة ( من القرآن ) ، فإن قلت : هذا مناف لما مر في باب الكبائر ، قلت : إن سلم أن أعظم وأكبر مترادفان ، فالوعيد على النسيان لأجل أن مدار هذه الشريعة على القرآن ، فنسيانه كالسعي في الإخلال بها ، فإن قلت : النسيان لا يؤاخذ به ، قلت : المراد تركها عمدا إلى أن يفضي إلى النسيان ، وقيل : المعنى أعظم من الذنوب الصغائر ، إن لم تكن عن استخفاف وقلة تعظيم ، كذا نقله ميرك عن الأزهار ، ( أو آية أوتيها ) ، أي : تعلمها ( رجل ) ، وفي نسخة الرجل ، وأو للتنويع ( ثم نسيها ) ، قال الطيبي : شطر الحديث مقتبس من قوله تعالى : كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى يعني على قول في الآية ، وأكثر المفسرين على أنها في المشرك ، والنسيان بمعنى ترك الإيمان ، وإنما قال : أوتيها دون حفظها إشعارا بأنها كانت نعمة جسيمة أولاها الله ليشكرها ، فلما نسيها فقد كفر تلك النعمة ، فبالنظر إلى هذا المعنى كان أعظم جرما ، وإن لم يعد من الكبائر ، واعترضه ابن حجر وقال : قول الشارح وإن لم يعد من الكبائر عجيب ، مع تصريح أئمتنا بأن نسيان شيء منه ولو حرفا بلا عذر كمرض وغيبة عقل كبيرة اهـ .

والنسيان عندنا أن لا يقدر أن يقرأ بالنظر ، كذا في شرح شرعة الإسلام ، قال الطيبي : فلما عد إخراج القذاة التي لا يؤبه له من الجحور تعظيما لبيت الله ، عد أيضا النسيان من أعظم الجرم ; تعظيما لكلام الله سبحانه ، فكأن فاعل ذلك عد الحقير عظيما بالنسبة إلى العظيم ، فأزاله عنه ، وصاحب هذا عد العظيم حقيرا فأزاله عن قلبه ( رواه الترمذي ) ، وقال : غريب نقله ميرك ، ( وأبو داود ) ، والمنذري ، وابن ماجه ، وابن خزيمة في صحيحه ذكره ميرك ، قال ابن حجر : وأخرج الترمذي ، وأبو داود أيضا : من قرأ القرآن ثم نسيه لقي الله يوم القيامة أجذم .

[ ص: 606 ]



الخدمات العلمية