الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
المذهب الثاني : مذهب الفلاسفة المتأخرين أتباع أرسطو ، وهم الذين يحكي ابن سينا والفارابي والطوسي قولهم : إن كلام الله فيض فاض من العقل الفعال على النفوس الفاضلة الزكية بحسب استعدادها ، فأوجب لها ذلك الفيض تصورات وتصديقات بحسب ما قبلته منه ، لهذه النفوس عندهم ثلاث قوى : قوة التصور وقوة التخييل وقوة التعبير ، فتدرك بقوة تصورها من المعاني ما يعجز عنه غيرها ، وتدرك بقوة تخيلها شكل المعقول في صورة المحسوس ، فتتصور المعقول صورا نورانية تخاطبها وتكلمها بكلام تسمعه الآذان ، وهو عندهم كلام الله ولا حقيقة له في الخارج ، وإنما ذلك كله من [ ص: 496 ] القوة الخيالية الوهمية ، قالوا وربما قويت هذه القوة على إسماع ذلك الخطاب لغيرها ، وتشكيل تلك الصور العقلية لعين الرائي فيرى الملائكة ويسمع خطابهم ، وكل ذلك من الوهم والخيال لا في الخارج .

فهذا أصل هؤلاء في إثبات كلام الرب وملائكته وأنبيائه ورسله ، والأصل الذي قادهم إلى هذا عدم الإقرار بالرب الذي عرفت به الرسل ودعت إليه ، وهو القائم بنفسه المباين العالي فوق سماواته فوق عرشه الفعال لما يريد بقدرته ومشيئته ، العالم بجميع المعلومات ، القادر على كل شيء ، فهم أنكروا ذلك كله .

التالي السابق


الخدمات العلمية