الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      فضيلة باهرة لها :

                                                                                      خالد الحذاء ، عن أبي عثمان النهدي ، عن عمرو بن العاص : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمله على جيش ذات السلاسل قال : فأتيته ، فقلت : يا رسول الله ، أي الناس أحب إليك ؟ قال : عائشة . قال : من الرجال ؟ قال : أبوها .

                                                                                      قال الترمذي : هذا حديث حسن [ ص: 148 ] .

                                                                                      قلت : قد أخرجه البخاري ومسلم . ابن المبارك ، ويحيى بن سعيد الأموي ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، عن عمرو بن العاص ، أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : من أحب الناس إليك ؟ قال : عائشة . قال : من الرجال ؟ قال : أبوها .

                                                                                      هذا حديث صحيح ، أخرجه النسائي ، والترمذي وحسنه وغربه .

                                                                                      الترمذي : حدثنا أحمد بن عبدة ، حدثنا المعتمر بن سليمان ، عن حميد ، عن أنس قال : قيل : يا رسول الله من أحب الناس إليك ؟ قال : عائشة . قيل : من الرجال ؟ قال : أبوها .

                                                                                      قال : هذا حديث حسن غريب .

                                                                                      تزويجها بالنبي صلى الله عليه وسلم :

                                                                                      روى هشام ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم متوفى خديجة ، وأنا ابنة ست ، وأدخلت عليه وأنا ابنة تسع ، جاءني نسوة وأنا ألعب على أرجوحة وأنا مجممة فهيأنني وصنعنني ثم أتين بي إليه صلى الله عليه وسلم .

                                                                                      قال عروة : فمكثت عنده تسع سنين . [ ص: 149 ]

                                                                                      وأخرج البخاري من قول عروة : أن خديجة توفيت قبل الهجرة بثلاث سنين ، فلبث صلى الله عليه وسلم سنتين أو قريبا من ذلك ، ونكح عائشة ، وهي بنت ست سنين .

                                                                                      ابن إدريس ، عن محمد بن عمرو ، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ، قال : قالت عائشة : لما ماتت خديجة ، جاءت خولة بنت حكيم فقالت : يا رسول الله ، ألا تزوج ؟ قال : ومن ؟ قالت : إن شئت بكرا وإن شئت ثيبا ؟ قال : من البكر ومن الثيب ؟ ؟ قالت : أما البكر ، فعائشة ابنة أحب خلق الله إليك ، وأما الثيب ، فسودة بنت زمعة ، قد آمنت بك واتبعتك . قال : اذكريهما علي . قالت : فأتيت أم رومان فقلت : يا أم رومان ، ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة ! قالت : ماذا ؟ قالت : رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر عائشة . قالت : انتظري ، فإن أبا بكر آت ، فجاء أبو بكر ، فذكرت ذلك له ، فقال : أو تصلح له وهي ابنة أخيه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنا أخوه وهو أخي ، وابنته تصلح لي ، فقام أبو بكر ، فقالت لي أم رومان : إن المطعم بن عدي كان قد ذكرها على ابنه ، ووالله ما أخلف وعدا قط . قالت : فأتى أبو بكر المطعم ، فقال : ما تقول في أمر هذه الجارية ؟ قال : فأقبل على امرأته ، فقال : ما تقولين ؟ فأقبلت على أبي بكر ، فقالت : لعلنا إن أنكحنا هذا الفتى إليك تدخله في دينك ! فأقبل عليه أبو بكر ، فقال : ما تقول أنت ؟ قال : إنها لتقول ما تسمع ، فقام أبو بكر وليس في نفسه من الموعد شيء ، فقال لها : قولي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فليأت ، فجاء ، [ ص: 150 ] فملكها . قالت : ثم انطلقت إلى سودة ، وأبوها شيخ كبير وذكرت الحديث .

                                                                                      هشام ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : أدخلت على نبي الله وأنا بنت تسع ، جاءني نسوة وأنا ألعب على أرجوحة وأنا مجممة ، فهيأنني ، وصنعنني ، ثم أتين بي إليه .

                                                                                      هشام ، عن أبيه ، عنها ، أنها قالت : كنت ألعب بالبنات - تعني اللعب - فيجيء صواحبي ، فينقمعن من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيخرج رسول الله ، فيدخلن علي ، وكان يسربهن إلي ، فيلعبن معي .

                                                                                      وفي لفظ : فكن جوار يأتين يلعبن معي بها ، فإذا رأين رسول الله تقمعن فكان يسربهن إلي .

                                                                                      وعن عائشة قالت : دخل علي رسول الله وأنا ألعب بالبنات ، فقال : [ ص: 151 ] " ما هذا يا عائشة ؟ قلت : خيل سليمان ولها أجنحة ، فضحك .

                                                                                      الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم على باب حجرتي ، والحبشة يلعبون بالحراب في المسجد ، وإنه ليسترني بردائه لكي أنظر إلى لعبهم ، ثم يقف من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرف ، فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو .

                                                                                      وفي لفظ معمر ، عن الزهري : فما زلت أنظر حتى كنت أنا أنصرف ، فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن التي تسمع اللهو .

                                                                                      ولفظ الأوزاعي عن الزهري في هذا الحديث قالت : قدم وفد الحبشة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقاموا يلعبون في المسجد ، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه ، وأنا أنظر إليهم حتى أكون أنا التي أسأم . [ ص: 152 ]

                                                                                      وفي حديث سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة : أن عمر وجدهم يلعبون ، فزجرهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : دعهم فإنهم بنو أرفدة .

                                                                                      الواقدي قال : حدثني موسى بن محمد بن عبد الرحمن ، عن ريطة ، عن عمرة ، عن عائشة ، قالت : لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة خلفنا وخلف بناته ، فلما قدم المدينة ، بعث إلينا زيد بن حارثة وأبا رافع ، وأعطاهما بعيرين وخمسمائة درهم أخذها من أبي بكر ، يشتريان بها ما نحتاج إليه من الظهر . وبعث أبو بكر معهما عبد الله بن أريقط الليثي ببعيرين أو ثلاثة ، وكتب إلى ابنه عبد الله يأمره أن يحمل أهله أم رومان وأنا وأختي أسماء ، فخرجوا ، فلما انتهوا إلى قديد ، اشترى زيد بتلك الدراهم ثلاثة أبعرة . ثم دخلوا مكة ، وصادفوا طلحة يريد الهجرة بآل أبي بكر ، فخرجنا جميعا ، وخرج زيد وأبو رافع بفاطمة وأم كلثوم وسودة وأم أيمن وأسامة ، فاصطحبنا جميعا ، حتى إذا كنا بالبيض نفر بعيري وقدامي محفة فيها [ ص: 153 ] أمي ، فجعلت أمي تقول : وابنتاه ! واعروساه ! حتى أدرك بعيرنا ، فقدمنا ، والمسجد يبنى وذكر الحديث .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية