الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 162 ] قوله ( وإذا أذن كل واحد من الشريكين لصاحبه في إخراج زكاته ، فأخرجاها معا : ضمن كل واحد نصيب صاحبه ) هذا المذهب ، وعليه جماهير الأصحاب ، وقدموه ; لأنه انعزل حكما ; لأنه لم يبق على الموكل زكاة ، كما لو علم ثم نسي ، والعزل يستوي فيه العلم وعدمه بدليل ما لو وكله في بيع عبد ، فباعه الموكل أو أعتقه ، وزاد في شرح المحرر : وجهل السبق . قال ابن نصر الله : وهو غريب حسن ، وقيل : لا يضمن من لم يعلم بإخراج صاحبه ، بناء على أن الوكيل لا ينعزل قبل العلم ، وقيل : لا يضمن ، وإن قلنا : ينعزل قبل العلم ; لأنه غره كما لو وكله في قضاء دين ، فقضاه بعد قضاء الموكل ولم يعلم ، اختاره المصنف ، وفرق المجد في شرحه بينهما بأنه لم يفوت حق المالك بدفعه . إذ له الرجوع على القابض ، وقال في الرعاية : ضمن كل واحد منهما حق الآخر ، وقيل : لا ، كالجاهل منهما ، والفقير الذي أخذها منهما في الأقيس فيهما . قال في الفروع : كذا قال .

قوله ( وإن أخرجها أحدهما قبل الآخر ضمن الثاني نصيب الأول علم أو لم يعلم ) هذا المذهب ، وعليه أكثر الأصحاب . ويتخرج أن لا ضمان عليه إذا لم يعلم ، بناء على عدم انعزال الوكيل قبل علمه كما تقدم ، وتأتي المسألة في الوكالة ، وقيل : لا يضمن ، وإن قلنا : ينعزل الوكيل قبل علمه . كما تقدم ، اختاره المصنف ، وهما القولان اللذان قبل ذلك .

فوائد . الأولى : لو أذن غير الشركاء كل واحد للآخر في إخراج زكاته . [ ص: 163 ] فحكمه حكم المسألة التي قبلها . لكن هل يبدأ بزكاته وجوبا ؟ فيه روايتان ، وأطلقهما في الفروع ، وابن تميم ، والرعايتين ، والحاويين . إحداهما : لا يجب إخراج زكاته أولا . بل يستحب . وهو الصحيح ، وقطع به القاضي ، وفرق بينها وبين الحج ، والرواية الثانية : يجب إخراج زكاته قبل زكاة الآذن . قال في الفروع : وقد دلت هذه المسألة على أن نفل الصدقة قبل أداء الزكاة في جوازه وصحته ما في نفل بقية العبادات قبل أدائها .

التالي السابق


الخدمات العلمية