الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
727 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( ثلاثة كلهم ضامن على الله : رجل خرج غازيا في سبيل الله ، فهو ضامن على الله حتى يتوفاه فيدخله الجنة ، أو يرده بما نال من أجر وغنيمة ، ورجل راح إلى المسجد ، فهو ضامن على الله حتى يتوفاه فيدخله الجنة ، أو يرده بما نال من أجر وغنيمة ، ورجل دخل بيته بسلام ، فهو ضامن على الله ) ، رواه أبو داود .

التالي السابق


727 - ( وعن أبي أمامة قال : قال رسول الله عنه : ( ثلاثة ) ، أي : أشخاص ( كلهم ) ، أي : كل واحد منهم والأفراد باعتبار لفظ الكل ( ضامن ) ، أي : ذو ضمان ، أي : حفظ ورعاية [ كلابن وعامر ] ( على الله ) : أو مضمون كما يقال : هو عامر أي معمور كماء دافق أي مدفوق ، يعني : وعد الله وعدا لا خلف فيه أن يعطيهم مرادهم ، وقال الطيبي : الضامن بمعنى ذي الضمان ، فيعود إلى معنى الواجب ، أي : واجب على الله تعالى يعني بمقتضى وعده أن يكلأ من مضاد الدين والدنيا ، ( رجل خرج غازيا ) ، أي : حال كونه مريدا للغزو ( في سبيل الله ، فهو ضامن على الله ) ، أي : واجب الحفظ والرعاية عليه تعالى كالشيء المضمون ( حتى يتوفاه ) ، أي : يقبض روحه إما بالموت أو بالقتل في سبيل الله ( فيدخله الله ) ، أي : مع الناجين ( أو يرده ) : عطف على يتوفاه ( بما نال ) ، أي : مع ما وجده ( من أجر ) يعني : ثوابا فقط ( أو غنيمة ) ، أي : مع الأجر فأو للتنويع ، وقال ابن حجر : أو هما فأو لمنع الخلو ، ويرد عليه أنه يلزم أن يوجد غنيمة بلا أجر ، وهو مرفوض لأنه خلاف المفروض فتأمل ، فإنه محل زلل وخطل ، وجاء في رواية حكاية عن الله تعالى : من خرج مجاهدا في سبيلي وابتغاء مرضاتي فأنا عليه ضامن ، أو هو علي ضامن ، شك الراوي ، أي : فأنا عليه رقيب وحفيظ ، أو هو علي واجب الحفظ ( ورجل راح ) ، أي : مشى ( إلى المسجد ، فهو ضامن على الله ) ، أي : يعطيه الأجر وأن لا يضيع سعيه ، أو واجب الوقاية والرعاية ( ورجل دخل بيته بسلام ) ، أي : مسلما على أهله ، وقيل : دخل بيته للسلامة ، وكل معناه سالما من الفتن ، أي : طالبا للسلامة منها فإنه يأمن كقوله تعالى : ادخلوها بسلام آمنين ، أي : سالمين من العذاب ورد بأن آمنين يفيد ذلك ، فمعنى بسلام أن الملائكة تسلم عليهم أو يسلم بعضهم على بعض .

[ ص: 612 ] ( فهو ضامن على الله ) : قال ابن الملك : أي يعطيه البركة والثواب الكثير ، لما روي أنه - عليه السلام - قال لأنس : ( إذا دخلت على أهلك فسلم يكون بركة عليك وعلى أهل بيتك ) ، اهـ .

أو يسلم على نفسه إذا لم يكن في بيته أحد إذ السنة لمن دخل بيتا خاليا أن يقول : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، ولعل السر أنه لا يخلو من الملائكة وبعض الجن من المسلمين ، وإنما لم يذكر المضمون به في الأخيرين اكتفاء ، وقال الطيبي : قيل المراد الذي يسلم على أهله إذا دخل بيته ، والمضمون به أن يبارك عليه وعلى أهله ، وقيل : هو الذي يلزم بيته طالبا للسلامة وهربا من الفتن ، وهذا أوجه ; لأن المجاهدة في سبيل الله سفرا ، والرواح إلى المسجد حضرا ، ولزوم البيت اتقاء من الفتن أخذ بعضها بحجزة بعض ، فعلى هذا فالمضمون به هو رعاية الله تعالى وجواره عن الفتن ، ( رواه أبو داود ) : قال ميرك : وسكت عليه .




الخدمات العلمية