الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني مالك عن حميد بن قيس عن عطاء بن أبي رباح أن عمر بن الخطاب قال ليعلى بن منية وهو يصب على عمر بن الخطاب ماء وهو يغتسل اصبب على رأسي فقال يعلى أتريد أن تجعلها بي إن أمرتني صببت فقال له عمر بن الخطاب اصبب فلن يزيده الماء إلا شعثا

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          713 707 - ( مالك عن حميد بن قيس ) المكي ، ( عن عطاء بن أبي رباح ) بفتح الراء والموحدة أسلم القرشي مولاهم المكي ، فقيه ثقة فاضل لكنه كثير الإرسال ، مات سنة أربع عشرة ومائة على المشهور .

                                                                                                          ( أن عمر بن الخطاب قال ليعلى ابن منية ) بضم الميم وسكون النون وفتح التحتية ، وهي أمه ، واسم أبيه أمية بن أبي عبيدة بن همام التميمي حليف قريش صحابي ، مات سنة بضع وأربعين ، ( وهو يصب على عمر بن الخطاب ماء وهو يغتسل ) وهو محرم [ ص: 337 ] ( اصبب على رأسي ، فقال يعلى : أتريد أن تجعلها بي ) ، قال البوني : أي تجعلني أفتيك وتنحي الفتيا عن نفسك إن كان في هذا شيء .

                                                                                                          وقال ابن وهب : معناه إنما أفعله طوعا لك لفضلك وأمانتك ولا أرى لي فيه انتهى .

                                                                                                          وقال أبو عمر : أي الفدية إن مات شيء من دواب رأسك أو زال شيء من الشعر لزمتني الفدية فإن أمرتني كانت عليك ، ( إن أمرتني صببت ، فقال له عمر بن الخطاب : اصبب فلن يزيده الماء إلا شعثا ) لأن الماء يلبد الشعر ويدخله مع ذلك الغبار ، فأخبره عمر أنه لا فدية على الفاعل ولا على الآمر به ، وهذا يقتضي أن غسله لم يكن لجنابة ، إذ الإجماع على أن المحرم إذا كان جنبا أو المرأة حائضا أو نفساء وطهرت يغسل رأسه ، واختلف في غسل المحرم تبردا أو غسل رأسه فأجازه الجمهور بلا كراهة كما قال عمر : لا يزيده الماء إلا شعثا .

                                                                                                          قال عياض : وتئول عن مالك مثله وتئول عليه الكراهة أيضا وقد كره غمر المحرم رأسه في الماء ، وعللت الكراهة بأنه في تحريك يده عليه في غسله أو في غمسه قد يقتل بعض الدواب أو يسقط بعض الشعر ، وقيل : لعله رآه من تغطية الرأس ، وكره فقهاء الأمصار غسل الرأس بالخطمي والسدر ، وأوجب مالك وأبو حنيفة فيه الفدية ، وأجازه بعض السلف إذا كان ملبدا انتهى .

                                                                                                          وقال الشافعية : لا فدية عليه إذا لم ينتف الشعر .




                                                                                                          الخدمات العلمية