الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ويكبر ) المسبوق ( للإحرام ) وجوبا كغيره في القيام أو بدله ، فإن وقع بعضه في غير القيام لم تنعقد صلاته فرضا ولا نفلا ( ثم للركوع ) ندبا ; لأنه محسوب له فندب له التكبير ( فإن نواهما ) أي الإحرام والركوع ( بتكبيرة ) واحدة مقتصرا عليها لم تنعقد صلاته ( على الصحيح ) لتشريكه بين فرض وسنة مقصودة فأشبه نية الظهر وسنته لا الظهر والتحية ، وادعى الإمام الإجماع فيه ( وقيل تنعقد ) له ( نفلا ) كما لو أخرج خمسة دراهم مثلا ونوى بها الفرض والتطوع فإنها تقع له تطوعا ، ويفرق على الأول بأن النية لم يغتفر فيها ما لا يغتفر هنا ، ولهذا قال الوالد رحمه الله تعالى : إن القياس مدفوع وليس فيه جامع معتبر ; لأن صدقة الفرض ليست شرطا في صحة صدقة النفل ، فإذا بطل الفرض صح النفل ، بخلاف تكبيرة الإحرام فإنها شرط في صحة تكبيرة الانتقال فلا جامع بينهما ، وأيضا فالنقل ثم لم يحتج لنية أصلا فلم يؤثر فيه فساد النية بالتشريك ، وهنا انعقادها متوقف على النية فأثر فيه اقترانها بمفسد وهو التشريك المذكور .

                                                                                                                            فإن نوى بها التحرم فقط وأتمها وهو إلى القيام مثلا أقرب منه إلى أقل الركوع [ ص: 244 ] انعقدت صلاته ( وإن لم ينو بها شيئا لم تنعقد ) صلاته ( على الصحيح ) إذ قرينة الافتتاح تصرفها إليه ، وقرينة الهوى تصرفها إليه ، فلا بد من قصد صارف عنهما وهو نية التحرم فقط لتعارضهما ، وما استشكله الإسنوي من أن قصد الركن غير مشترط مردود ; لأن محله عند عدم الصارف وهنا صارف كما علمت ، وعلم من كلامه ما بأصله أن نية الركوع فقط كذلك لعدم التحرم ومثله نية أحدهما على الإبهام لما فيه من التعارض هنا أيضا ، ومقابل الصحيح تنعقد فرضا ; لأن قرينة الافتتاح تصرفها إليه .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : فإن وقع بعضه في غير القيام ) أي بأن كان في محل لا تجزئ فيه القراءة كما يأتي له رحمه الله .

                                                                                                                            ( قوله : لم تنعقد صلاته فرضا ولا نفلا ) كذا في نسخة ، وظاهره أنه لا فرق في ذلك بين العالم والجاهل ، لكنه قال في صفة الصلاة قبيل الركن الثاني ما نصه : أو ركع مسبوق قبل تمام التكبيرة جاهلا انقلبت نفلا لعذره ، إذ لا يلزم من بطلان الخصوص بطلان العموم . ا هـ وعبارة الشيخ عميرة قول المصنف : ويكبر للإحرام إلخ لو وقع بعض التكبيرة راكعا لم تنعقد فرضا قطعا ولا نفلا على الأصح ا هـ . أقول : والأقرب انعقادها نفلا من الجاهل كما علل به الشارح من أنه لا يلزم من بطلان الخصوص إلخ ، وأيضا فالمتنفل يجوز أن يحرم من جلوس وما هنا أبلغ منه .

                                                                                                                            ( قوله : فإن نواهما بتكبيرة لم تنعقد ) أفهم أنه لا يضر الإطلاق فيما لو أتى بتكبيرتين لصرف الأولى للتحرم مع عدم المعارض والثانية للركوع وهو ظاهر ، وفي فتاوى الشارح ما يوافقه ، وبهذا يسقط ما نظر به سم على حج في هذه الصورة ، ونص الفتاوى : سئل عما لو وجد الإمام راكعا فكبر وأطلق ثم كبر أخرى بقصد الانتقال فهل تصح صلاته ؟ فأجاب : تصح صلاته خلافا لبعضهم .

                                                                                                                            ( قوله : ولهذا قال الوالد ) في نسخة إسقاط ولهذا قال الوالد وبدلها بعد قوله هنا على أن القياس إلخ ، وهي أولى ; لأن قوله على أن القياس في كلام غير والده .

                                                                                                                            ( قوله : أقرب منه إلى أقل الركوع ) أخرج ما لو كان إليهما على السواء فيضر ، [ ص: 244 ] وتقدم عن شيخنا الزيادي ما يقتضي عدم الضرر .

                                                                                                                            ( قوله : فلا بد من قصد صارف ) عبارة الإيعاب : ويشكل عليه ما مر أنه لو عجز عن القراءة فأتى بالافتتاح أو التعوذ لا بقصد بدلية ولا بغيرها بل أطلق حيث اعتد به مع وجود القرينة الصارفة ، ويجاب بمنع أن وجودها صارف ، ثم إن عجزه اقتضى أن لا افتتاح ولا تعوذ عليه ; لأنهما مقدمتان للقراءة وهي مقصودة ، فإذا أتى أحد بها لا بقصد انصرف للواجب ا هـ رحمه الله



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : لم تنعقد صلاته ) فرضا ولا نفلا ظاهره ولو جاهلا ، ويوافقه ما نقل عنه في شرح هدية الناصح ، لكن يخالفه ما قدمه في هذا الشرح في صفة الصلاة قبيل الركن الثاني ( قوله : وهنا انعقادها ) أي نفلا الذي قال به المقابل ( قوله : وهو إلى القيام مثلا ) أي إن كان فرضه القيام .




                                                                                                                            الخدمات العلمية