الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم ) ( 176 ) .

قوله تعالى : ( في الكلالة ) : " في " يتعلق بيفتيكم ، وقال الكوفيون : بيستفتونك ، وهذا ضعيف ، لأنه لو كان كذلك لقال : يفتيكم فيها في الكلالة كما لو تقدمت . ( إن امرؤ هلك ) : هو مثل : ( وإن امرأة خافت ) [ النساء : 128 ] ( ليس له ولد ) : الجملة في موضع الحال من الضمير في " هلك " . ( وله أخت ) : جملة حالية أيضا ، وجواب الشرط " فلها " ( وهو يرثها ) : مستأنف لا موضع له ، وقد سدت هذه الجملة مسد جواب الشرط الذي هو قوله : ( إن لم يكن لها ولد ) . ( فإن كانتا اثنتين ) : الألف في كانتا ضمير الأختين ، ودل على ذلك قوله : وله أخت ، وقيل : هو ضمير " من " ، والتقدير : فإن كان من يرث ثنتين ، وحمل ضمير من على المعنى ؛ لأنها تستعمل في الإفراد والتثنية والجمع بلفظ واحد .

فإن قيل : من شرط الخبر أن يفيد ما لا يفيده المبتدأ ، والألف قد دلت على الاثنين . قيل : الفائدة في قوله اثنتين بيان أن [ ص: 313 ] الميراث ، وهو الثلثان هاهنا ، مستحق بالعدد مجردا عن الصغر والكبر وغيرهما ، فلهذا كان مفيدا . ( مما ترك ) : في موضع الحال من " الثلثان " : ( فللذكر ) : أي منهم .

( أن تضلوا ) : فيه ثلاثة أوجه : أحدها : هو مفعول يبين ؛ أي : يبين لكم ضلالكم ؛ لتعرفوا الهدى . والثاني : هو مفعول له تقديره : مخافة أن تضلوا . والثالث : تقديره : لئلا تضلوا ، وهو قول الكوفيين ، ومفعول يبين على الوجهين محذوف ؛ أي : يبين لكم الحق .

التالي السابق


الخدمات العلمية