الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          818 حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا حاتم بن إسمعيل عن موسى بن عقبة عن سالم بن عبد الله بن عمر عن ابن عمر قال البيداء التي يكذبون فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ما أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من عند المسجد من عند الشجرة قال هذا حديث حسن صحيح

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( البيداء التي تكذبون فيها إلخ ) وفي رواية الشيخين : بيداؤكم هذه تكذبون على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيها . وفي رواية لمسلم : كان ابن عمر إذا قيل له الإحرام من البيداء قال البيداء ، التي تكذبون فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال النووي : قال العلماء هذه البيداء هي الشرف الذي قدام ذي الحليفة إلى جهة مكة ، وهي بقرب ذي الحليفة ، وسميت بيداء ؛ لأنه ليس فيها بناء ولا أثر وكل مفازة تسمى بيداء . وأما هاهنا فالمراد بالبيداء ما ذكرناه . وقوله تكذبون فيها أي تقولون إنه -صلى الله عليه وسلم- أحرم منها ولم يحرم منها وإنما أحرم قبلها من مسجد ذي الحليفة ، ومن عند الشجرة التي كانت هناك وكانت عند المسجد ، وسماهم ابن عمر كاذبين ؛ لأنهم أخبروا بالشيء على خلاف ما هو ، والكذب عند أهل السنة هو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو سواء تعمده أم غلط فيه وسها . وقال المعتزلة يشترط فيه العمدية ، وعندنا أن العمدية شرط لكونه اسما لا لكونه يسمى [ ص: 464 ] كذبا ، فقول ابن عمر جاء على قاعدتنا ، انتهى .

                                                                                                          قوله : ( والله ما أهل ) أي ما وقع صوته بالتلبية .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان .

                                                                                                          اعلم أن الصحابة -رضي الله عنهم- اختلفوا في موضع إهلاله -صلى الله عليه وسلم - وسبب اختلافهم ما رواه أبو داود في سننه عن سعيد بن جبير قال : قلت لعبد الله بن عباس : يا أبا العباس عجبت لاختلاف أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في إهلال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين أوجب . فقال : إني لأعلم الناس بذلك ، إنها إنما كانت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حجة واحدة ، فمن هناك اختلفوا ، خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حاجا ، فلما صلى في مسجده بذي الحليفة ركعتيه أوجب في مجلسه ، فأهل بالحج حين فرغ من ركعتيه ، فسمع ذلك منه أقوام فحفظته عنه ، ثم ركب فلما استقلت به ناقته أهل وأدرك ذلك منه أقوام ، وذلك أن الناس إنما كانوا يأتون أرسالا فسمعوه حين استقلت به ناقته يهل ، فقالوا : إنما أهل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين استقلت به ناقته ، ثم مضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلما علا على شرف البيداء أهل وأدرك ذلك منه أقوام فقالوا : إنما أهل حين علا على شرف البيداء وايم الله لقد أوجب في مصلاه وأهل حين استقلت به ناقته ، وأهل حين علا على شرف البيداء ، انتهى .

                                                                                                          قال المنذري : في إسناده خصيف بن عبد الرحمن الحراني وهو ضعيف . وقال الطحاوي بعد ذكر هذه الرواية بتمامها : فبين ابن عباس الوجه الذي جاء فيه اختلافهم ، وأن إهلال النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي ابتدأ الحج ودخل فيه كان في مصلاه . فبهذا نأخذ وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد ومالك والشافعي وأحمد وأصحابهم . وقال الأوزاعي وعطاء وقتادة : المستحب الإحرام من البيداء قال البكري البيداء : هذه فوق علمي ذي الحليفة لمن صعد من الوادي ، وفي أول البيداء بئر ماء ، كذا في عمدة القاري .




                                                                                                          الخدمات العلمية