الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          [ ص: 748 ] 132 - فصل

                          [ من أسلم وتحته ثمان نسوة فأسلم منهن أربع ] .

                          وإذا أسلم ، وتحته ثمان نسوة ، فأسلم أربع منهن فله اختيارهن ، وله الوقوف إلى أن يسلم البواقي ، فإن مات اللاتي أسلمن ، ثم أسلم الباقيات فله اختيار الميتات ، وله اختيار الباقيات ، وله اختيار بعض هؤلاء ، وبعض هؤلاء ؛ لأن الاختيار ليس بعقد ، وإنما هو تصحيح للعقد الأول في المختارات ، والاعتبار في الاختيار بحال ثبوته وصحته ، لا بحال وقوعه ، وحال ثبوته كن أحياء ، وإن أسلمت واحدة منهن ، فقال : " اخترتها " جاز ، فإذا اختار أربعا على هذا الوجه انفسخ نكاح البواقي ، وإن قال : " اخترت فسخ نكاحها " لم يصح لأن الفسخ إنما يكون فيما زاد على الأربع ، والاختيار للأربع ، إلا أن يريد بالفسخ الطلاق فيقع لأنه كناية ، ويكون طلاقه لها اختيارا لها ، ذكره أصحابنا .

                          والصحيح أنه يصح ، فإنه ما منهن واحدة إلا وله أن يختارها ، ويختار مفارقتها ، فإذا قال : " فسخت نكاح هذه " فهو اختيار لفراقها ، وله أن يفارقها وحدها ، ويفارقها مع جملتهن ويفارقها مع الزائدات على النصاب .

                          فإذا قال : " اخترت فسخ نكاحها " ، فكأنه قال : هذه من المفارقات ، وهو لو اختار أربعا سواها ولم يصرح ، نفسخ نكاحها ، فكيف إذا صرح به ؟ !

                          فإن قيل : هي زوجة ، والرجل لا يستقل بفسخ النكاح في غير المعينة ، [ ص: 749 ] قيل : وإن كانت زوجة ، لكنه يخير في إبقائها ، ومفارقتها ، فإذا عجل مفارقتها كان اختيارا منه لأحد الأمرين :

                          وقولهم : " إن الفسخ إنما يكون فيما زاد على الأربع " ، قلنا : إن أردتم الانفساخ فصحيح ، فإنه إذا اختار أربعا انفسخ نكاح الزائد عليهن ، وإن أردتم أن إنشاء الفسخ بالاختيار لا يكون إلا فيما زاد على الأربع فليس كذلك ، فإن له أن يفارق الجميع بغير طلاق ، بل متى قال : " فارقت الجميع ، أو سيبتهن ، أو فسخت نكاحهن " بن منه كما لو قال : " طلقتهن " .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية