الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الآداب الشرعية والمنح المرعية

ابن مفلح - محمد بن مفلح بن محمد المقدسي

صفحة جزء
فصل ( قولهم في السلام والكتاب جعلت فداءك وفداك أمي وأبي ونحوه ) .

قال الخلال ( كراهية قوله في السلام جعلت فداءك ) قال بشر بن موسى سأل رجل وأنا أسمع لأبي عبد الله فقال جعلت فداءك فقال : لا تقل هكذا فإن هذا مكروه وقال أبو جعفر النحاس منهم من كرهه وهو قول مالك بن أنس واحتج بحديث يروى عن الزبير أنه قال هذا للنبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو جعفر وأجاز بعضهم ذلك واحتج بأن هذا الحديث أولى منه لصحة غيره ثم رواه بسنده عن عبد الله بن عمرو أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم جعلني الله فداءك ، وذكره أيضا عن غيره قال وقد قال حسان :

فإن أبي ووالدتي وعرضي لعرض محمد منكم وقاء

انتهى كلامه .

وفي الصحيحين عن { أبي ذر أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم في ليلة جعلني الله فداءك مرتين } في الخبر الذي فيه { أن جبريل قال له بشر أمتك أنه من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة فقلت يا جبريل وإن سرق وإن زنى قال نعم قال أبو ذر قلت يا رسول الله وإن سرق وإن زنى قال نعم قلت وإن سرق وإن زنى قال نعم وإن شرب الخمر } . [ ص: 392 ]

وقال الخلال ( قوله في السلام فداك أبي وأمي ) قال ابن منصور لأبي عبد الله : يكره أن يقول الرجل للرجل فداك أبي وأمي قولهم قال أكره أن يقول جعلني الله فداك ، ولا بأس أن يقول فداك أبي وأمي . وذلك لأن في الصحيحين { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للزبير وسعد فداك أبي وأمي } وهذا قول جمهور العلماء لأنه ليس بفداء حقيقة وإنما هو بر وإعلام بمحبته ومنزلته عنده ، وكرهه عمر بن الخطاب والحسن قال في شرح مسلم . وكرهه بعضهم في التفدية من المسلم بأبويه .

وقال أبو داود ( باب في الرجل يقول جعلني الله فداك ) ثم روي عن موسى بن إسماعيل عن حماد وعن مسلم عن هشام جميعا عن حماد بن أبي سليمان عن زيد بن وهب عن أبي ذر { قال النبي صلى الله عليه وسلم أبو ذر فقلت لبيك وسعديك يا رسول الله وأنا فداؤك } إسناد جيد .

{ ونادى النبي صلى الله عليه وسلم بلالا وقال لبيك وسعديك وأنا فداؤك } رواه أحمد وأبو داود من رواية أبي همام عبد الله بن يسار تفرد عنه يعلى بن عطاء ووثقه ابن حبان عن أبي عبد الرحمن الفهري قال شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا الحديث وصح أن { أبا قتادة لزم النبي صلى الله عليه وسلم فقال حفظك الله بما حفظت به نبيه } وقد صح { أن بعض الصحابة رأى النبي صلى الله عليه وسلم يضحك فقال أضحك الله سنك } رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه من حديث عباس بن مرداس .

التالي السابق


الخدمات العلمية