الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن نافع وعبد الله بن دينار أنهما أخبراه أن عبد الله بن عمر قدم الكوفة على سعد بن أبي وقاص وهو أميرها فرآه عبد الله بن عمر يمسح على الخفين فأنكر ذلك عليه فقال له سعد سل أباك إذا قدمت عليه فقدم عبد الله فنسي أن يسأل عمر عن ذلك حتى قدم سعد فقال أسألت أباك فقال لا فسأله عبد الله فقال عمر إذا أدخلت رجليك في الخفين وهما طاهرتان فامسح عليهما قال عبد الله وإن جاء أحدنا من الغائط فقال عمر نعم وإن جاء أحدكم من الغائط

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          74 72 - ( مالك عن نافع وعبد الله بن دينار ) العدوي مولاهم المدني أبي عبد الرحمن ، روى عن مولاه ابن عمر وأنس ، وعنه الثوري وابن عيينة ومالك وشعبة ، قال ابن سعد : ثقة كثير الحديث مات سنة سبع وعشرين ومائة .

                                                                                                          ( أنهما أخبراه ) أي مالكا ( أن عبد الله بن عمر ) بن الخطاب ( قدم الكوفة على سعد بن أبي وقاص ) مالك الزهري ( وهو أميرها ) من قبل عمر .

                                                                                                          ( فرآه عبد الله بن عمر يمسح على الخفين فأنكر ذلك عليه ) لأنه لم يبلغه مع قدم صحبته وكثرة روايته ، إذ قد يخفى على قديم الصحبة من الأمور الجلية في الشرع ما يطلع عليه غيره ، ويحتمل أنه أنكر عليه المسح في الحضر لا في السفر على ظاهر هذه القصة ، وأما السفر فكان ابن عمر يعلمه ورواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما روى ابن أبي خيثمة وابن أبي شيبة عن سالم عن أبيه : " رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يمسح على الخفين بالماء في السفر " ( فقال له سعد : سل أباك إذا قدمت عليه ) المدينة ( فقدم عبد الله فنسي أن يسأل عمر عن ذلك حتى قدم سعد فقال ) لابن عمر لإزالة إنكاره وإفادته الحكم ( أسألت أباك ؟ فقال : لا ) ولأحمد من وجه آخر : فلما اجتمعنا عند عمر قال لي سعد : سل أباك ( فسأله عبد الله ) ولابن خزيمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر فقال عمر : كنا ونحن مع نبينا - صلى الله عليه وسلم - نمسح على خفافنا لا نرى بذلك بأسا .

                                                                                                          ( فقال عمر : إذا أدخلت رجليك في الخفين وهما طاهرتان ) طهارة كاملة مائية ( فامسح عليهما ، قال عبد الله : وإن جاء أحدنا من الغائط ؟ فقال عمر : نعم ، وإن جاء أحدكم من الغائط ) وفي البخاري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن ابن عمر عن سعد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه مسح على الخفين ، وأن ابن عمر سأل أباه عن ذلك فقال : نعم إذا حدثك شيئا سعد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا تسأل عنه غيره .

                                                                                                          وللإسماعيلي : إذا [ ص: 174 ] حدثك سعد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا تبغ وراء حديثه شيئا أي لقوة الوثوق بنقله ، ففيه تعظيم عظيم من عمر لسعد وفيه دليل على أن الصفات الموجبة للترجيح إذا اجتمعت في الراوي كانت من جملة القرائن التي إذا حفت خبر الواحد قامت مقام الأشخاص المتعددة ، وقد يفيد العلم عند بعض دون بعض وأن عمر كان يقبل خبر الواحد ، وما نقل عنه من التوقف إنما كان عند وقوع ريبة له في بعض المواضع ، واحتج به من قال بتفاوت رتب العدالة ودخول الترجيح في ذلك عند التعارض ، ويمكن إبداء الفرق في ذلك بين الرواية والشهادة .




                                                                                                          الخدمات العلمية