الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 189 ] قوله ( فإن غيب ماله ، أو كتمه ، أو قاتل دونها ، وأمكن أخذها ، أخذت منه من غير زيادة ) ، وهذا المذهب ، وعليه أكثر الأصحاب . وقال أبو بكر في زاد المسافر : يأخذها وشطر ماله ، وقدمه الحلواني في التبصرة . وذكره المجد رواية ، قال أبو بكر أيضا : يأخذ شطر ماله الزكوي ، وقال إبراهيم الحربي : يؤخذ من خيار ماله زيادة القيمة بشطرها من غير زيادة عدد ولا سن ، قال المجد : وهذا تكلف ضعيف ، وعنه تؤخذ منه ومثلها . ذكرها ابن عقيل ، وقاله أبو بكر أيضا في زاد المسافر وقال ابن عقيل في موضع من كلامه : إذا منع الزكاة فرأى الإمام التغليظ عليه بأخذ زيادة عليها ، اختلفت الرواية في ذلك .

تنبيهات . أحدها : محل هذا عند صاحب الحاوي وجماعة : فيمن كتم ماله فقط ، وقال في الحاوي : وكذا قيل : إن غيب ماله ، أو قاتل دونها . الثاني : قال جماعة من الأصحاب منهم ابن حمدان وإن أخذها غير عدل فيها لم يأخذ من الممتنع زيادة . قلت : وهو الصواب ، وأطلق جماعة آخرون الأخذ ، كمسألة التعزير السابقة . الثالث : قدم المصنف هنا : أنه إذا قاتل عليها لم يكفر . وهو الصحيح من المذهب ، وعليه أكثر الأصحاب . قال المصنف وغيره : هذا ظاهر المذهب ، وجزم به في الوجيز وغيره ، وقدمه في الفروع وغيره . [ ص: 190 ] وقال بعض أصحابنا : إن قاتل عليها كفر ، وهو رواية عن الإمام أحمد ، وجزم به بعض الأصحاب ، وأطلق بعضهم الروايتين ، وعنه يكفر وإن لم يقاتل عليها ، وتقدم ذلك في كتاب الصلاة .

قوله ( فإن لم يمكن أخذها : استتيب ثلاثا ، فإن تاب وأخرج وإلا قتل ) . حكم استتابته هنا : حكم استتابة المرتد في الوجوب وعدمه . على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى في بابه ، وإذا قتل ، فالصحيح من المذهب : أنه يقتل حدا ، وهو من المفردات ، وعنه يقتل كفرا .

فائدة : إذا لم يمكن أخذ الزكاة منه إلا بالقتال وجب على الإمام قتاله ، على الصحيح من المذهب ، وذكر ابن أبي موسى رواية : لا يجب قتاله إلا من جحد وجوبها .

التالي السابق


الخدمات العلمية