الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1084 الأصل

[ 1002 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا سفيان بن عيينة، عن ابن جريج، عن عطاء بن أبي رباح; أن طارق بن المرقع أعتق أهل بيت سوائب، فأتي بميراثهم، فقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: أعطوه ورثة طارق، [ ص: 298 ] فأبوا أن يأخذوه، فقال عمر: فاجعلوه في مثلهم من الناس .

التالي السابق


الشرح

كان أهل الجاهلية يسيبون السوائب، فيقول أحدهم إذا نذر: ناقتي سائبة ويسرحها فلا ينتفع بها ولا تمنع من ماء ولا مرعى، ويعتق أحدهم عبده فيقول: أعتقتك سائبة، أو أنت سائبة، يريد أنه عتق لا ولاء عليه، فيعتق العبد ويكون له الولاء; لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الولاء لمن أعتق".

وروى هزيل بن شرحبيل أن رجلا جاء إلى عبد الله بن مسعود فقال: إني أعتقت غلاما لي وجعلته سائبة فمات وترك مالا، فقال عبد الله: إن أهل الإسلام لا يسيبون، إنما يسيب أهل الجاهلية، وأنت وارثه وولي نعمته .

وقوله في الأثر "فأعطوه ورثة طارق" كذا هو في هذه الرواية، ورواه الشافعي عن مسلم وسعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء، وقال فأمر عمر -رضي الله عنه- أن يدفع إلى طارق أو ورثة طارق. قال الشافعي: أنا شككت فيه.

وإباؤهم عن الأخذ سبيله سبيل التنزه وترك الانتفاع بما جعل [لله] تعالى.

وقوله: "فاجعلوه في مثلهم من الناس" أي: في مصالح سائر [ ص: 299 ] المسلمين، ويحتمل أن يقال أنهم كانوا فقراء، فإذ أبوا أخذه أمر بالصرف إلى أمثالهم، ويروى في مثل هذه الحادثة أن عمر -رضي الله عنه- جعله في بيت مال المسلمين.

ويروى أن ابن عمر -رضي الله عنه- أتي بمال مولى كان له فقال: إنما كنا أعتقناه سائبة، فأمر أن يشترى به رقاب فيعتقونهم .




الخدمات العلمية