الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
739 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( صلوا في مرابض الغنم ، ولا تصلوا في أعطان الإبل ) ، رواه الترمذي .

التالي السابق


739 - ( وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( صلوا في مرابض الغنم ) ، أي : فوق السجادة إذا كانت ضرورة ، وهو جمع مربض بكسر الباء ، وهو مأوى الغنم ( ولا تصلوا في أعطان الإبل ) : جمع عطن ، وهو مثل المعطن ، والفارق أن الإبل كثيرة الشراد ، شديدة النفار ، فلا يأمن المصلي في أعطانها ، أي : معاطنها من أن تنفر وتقطع الصلاة عليه ، أو تشوش قلبه ، فتمنعه عن الخشوع فيها ، بخلاف الغنم ، قال الطيبي : وإليه أشار - عليه السلام - بقوله : ( لا تصلوا في مبارك الإبل فإنها خلقت من الشياطين ) ، وأوله ابن حبان بأنها خلقت معها ، قال وإلا لم يصل - عليه السلام - الوتر على بعيره ، أي : فالعلة الصحيحة شدة نفارها المؤدي إلى قطع الصلاة ، أو منع الخشوع ، لا خلقها من الشياطين ، أي : من مائهم وخرج بالإبل الغنم فلا تكره الصلاة عندها ; لأن نفارها لا يشوش الخشوع لأنها سكينة ، ولذا ورد فيها : ما من نبي إلا رعى الغنم ، ويؤيده خبر الشافعي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال : ( إذا أدركتم الصلاة وأنتم في مراح الغنم فصلوا فإنها سكينة وبركة ، وإذا أدركتم الصلاة وأنتم في أعطان الإبل فاخرجوا منها فصلوا فإنها جن ، من جن خلقت ، ألا ترون أنها إذا نفرت كيف تشمخ بأنفها ) ، وتكره الصلاة في سائر محال الشياطين ، ومنها الوادي الذي نام فيه - عليه السلام - عن صلاة الصبح كما مر ، ومنها كل محل حل به غضب كأرض ثمود ، وبابل ، وديار قوم لوط ، ومحسر ؛ بناء على أن العذاب نزل به ، قال ابن الملك : فلو صلى والمكان طاهر يصح عند الأكثر ، وأصحاب الغنم كانوا ينظفون المرابض فأبيحت الصلاة فيها لذلك ، وإليه ذهب أبو حنيفة ، ( رواه الترمذي ) : وقال : حسن صحيح ، نقله ميرك .

[ ص: 619 ]



الخدمات العلمية