الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        إذا سافر بزوجتين بقرعة ، عدل بينهما ، فإن ظلم إحداهما ، قضى لها بالسفر ، [ ص: 365 ] فإن لم يتفق ، قضى في الحضر من نوبة التي ظلمها بها . ولو استصحب واحدة بقرعة ، وأخرى بلا قرعة ، عدل بينهما أيضا .

                                                                                                                                                                        ثم إذا رجع ، قضى للمخلفة من نوبة المستصحبة بلا قرعة ، ولا تخص مدة السفر بمن استصحبها بالقرعة ، إنما يكون كذلك إذا لم يكن معها غيرها .

                                                                                                                                                                        ولو كانت إحدى المستصحبتين جديدة لم يكن قضى حق زفافها ، فيقضيه ، ثم يسوي بينهما . ولو أراد تخليف إحداهما في بلد ، فله ذلك ولكن تكون بالقرعة .

                                                                                                                                                                        ولو نكح في الطريق جديدة ، قضى حق زفافها ثم يسوي بينهما وبين المستصحبات ، ولا يلزم القضاء للمخلفات . ولو خرج وحده ، ونكح في الطريق ، فكذلك ، ولا يقضي للمخلفات هذا في مدة السفر ، فأما إذا نوى الإقامة في موضع أو أقام أياما ، فيقضي في الصورتين ما وراء أيام الزفاف ، وفي مدة الرجوع الوجهان .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        تحته زوجتان ، ثم نكح جديدتين وسافر بإحداهما بقرعة اندرج حق زفافها في أيام السفر . فإذا عاد ، فهل يوفي حق الأخرى بسبع أو ثلاث ؟ وجهان أصحهما : نعم ؛ لأنه حق ثبت قبل السفر ، فلا يسقط به ، كما لو قسم لبعضهن وسافر ، فإنه يقضي بعد الرجوع لمن لم يقسم لها .

                                                                                                                                                                        والثاني : لا وبه قال ابن سريج ، كما لو سافر بإحدى القديمتين ، فإنه لا يقضي للأخرى ، ولأن حق الجديدة عقيب الزفاف وقد مضى .

                                                                                                                                                                        ولو نكح ثنتين وزفتا إليه معا ، فسافر بإحداهما بقرعة ، فالحكم كذلك ، فلو كانتا بكرين فرجع بعد ثلاثة أيام ، قال ابن كج : [ ص: 366 ] على الوجه الأول يتم لها السبع ، ثم يوفي الأخرى سبعا . وعلى قول ابن سريج : يتم لها السبع ، ويبيت عند الأخرى أربعا ، ويبطل ما جرى في السفر .

                                                                                                                                                                        ولو نكح جديدة على قديمة ، وسافر قبل توفية الزفاف بإحداهما بقرعة ، فإن سافر بالقديمة ، وفى حق الجديدة إذا رجع ، نص عليه . ويجيء فيه الوجه الآخر . وإن سافر بالجديدة ، اندرج حق الزفاف في أيام السفر .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        تحته نسوة وله إماء ، هل له أن يسافر بأمة بلا قرعة ؟ وجهان حكاهما الحناطي ، ونسب المنع إلى ابن أبي هريرة ، والجواز إلى أبي إسحاق ، وهو قياس أصل القسم .

                                                                                                                                                                        قلت : الجواز هو الصحيح . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        في فتاوى البغوي ، أنه لو سافر بإحدى زوجاته الثلاث بالقرعة ، ثم نكح في السفر جديدة ، ومنعها حق الزفاف ظلما ، وبات عند القديمة سبعا ، وعاد إلى البلد قبل أن يقضي للجديدة حق الزفاف ، وفاها حق الزفاف ، ثم يدور على المخلفات والجديدة ، فيقضي لها من نوبة القديمة التي كانت معه ، بأن يبيت عند كل واحدة من المخلفتين ليلة ، وعند الجديدة ليلتين ، وهكذا حتى يتم لها السبع ، وكذا لو كان تحته ثلاث ونكح جديدة ولم يوفها حق الزفاف ، بل بات عند واحدة من الثلاث عشرا ظلما ، فعليه أن يوفي حق الجديدة ثم يدور عليها وعلى المظلومتين ، حتى يتم لكل واحدة عشرا .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية