الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الثالثة : واختلف المفسرون في تأويل الغيب هنا ; فقالت فرقة : الغيب في هذه الآية : الله سبحانه . وضعفه ابن العربي . وقال آخرون : القضاء والقدر . وقال آخرون : القرآن وما فيه من الغيوب . وقال آخرون : الغيب كل ما أخبر به الرسول عليه السلام مما لا تهتدي إليه العقول من أشراط الساعة وعذاب القبر والحشر والنشر والصراط والميزان والجنة والنار . قال ابن عطية : وهذه الأقوال لا تتعارض بل يقع الغيب على جميعها .

قلت : وهذا الإيمان الشرعي المشار إليه في حديث جبريل عليه السلام حين قال للنبي صلى الله عليه وسلم : فأخبرني عن الإيمان . قال : أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره . قال : صدقت . وذكر الحديث . وقال عبد الله بن مسعود : ما آمن مؤمن أفضل من إيمان بغيب ، ثم قرأ : الذين يؤمنون بالغيب . قلت : وفي التنزيل : وما كنا غائبين وقال : الذين يخشون ربهم بالغيب فهو سبحانه غائب عن الأبصار ، غير مرئي في هذه الدار ، غير غائب بالنظر والاستدلال ; فهم يؤمنون أن لهم ربا قادرا يجازي على الأعمال ، فهم يخشونه في سرائرهم وخلواتهم التي يغيبون فيها عن الناس ، لعلمهم باطلاعه عليهم ، وعلى هذا تتفق الآي ولا تتعارض ، والحمد لله . وقيل : بالغيب أي بضمائرهم وقلوبهم بخلاف المنافقين ; وهذا قول حسن . وقال الشاعر :


وبالغيب آمنا وقد كان قومنا يصلون للأوثان قبل محمد



التالي السابق


الخدمات العلمية