الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                552 حدثنا يحيى بن حبيب الحارثي حدثنا خالد يعني ابن الحارث حدثنا شعبة قال سألت قتادة عن التفل في المسجد فقال سمعت أنس بن مالك يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول التفل في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( التفل في المسجد خطيئة ) هو بفتح التاء المثناة فوق ، وإسكان الفاء وهو البصاق كما في الحديث الآخر : ( البزاق في المسجد خطيئة ) . واعلم أن البزاق في المسجد خطيئة مطلقا ، سواء احتاج إلى البزاق أو لم يحتج ، بل يبزق في ثوبه فإن بزق في المسجد فقد ارتكب الخطيئة ، وعليه أن يكفر هذه الخطيئة بدفن البزاق . هذا هو الصواب أن البزاق خطيئة كما صرح به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                                                وقال العلماء والقاضي عياض : فيه كلام باطل حاصله : أن البزاق ليس بخطيئة إلا في حق من لم يدفنه ، وأما من أراد دفنه فليس بخطيئة ، واستدل له بأشياء باطلة فقوله هذا غلط صريح مخالف لنص الحديث ، ولما قاله العلماء . نبهت عليه لئلا يغتر به .

                                                                                                                [ ص: 206 ] وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( وكفارتها دفنها ) فمعناه : إن ارتكب هذه الخطيئة فعليه تكفيرها ، كما أن الزنا والخمر وقتل الصيد في الإحرام محرمات وخطايا ، وإذا ارتكبها فعليه عقوبتها ، واختلف العلماء في المراد بدفنها فالجمهور قالوا : المراد دفنها في تراب المسجد ورمله وحصاته إن كان فيه تراب أو رمل أو حصاة ونحوها ، وإلا فيخرجها . وحكى الروياني من أصحابنا قولا : أن المراد إخراجها مطلقا . والله أعلم .

                                                                                                                قوله : ( عن قتادة عن أنس - رضي الله عنه - ) وفي الرواية الأخرى : ( سألت قتادة فقال : سمعت أنس بن مالك ) فيه : تنبيه على أن قتادة سمعه من أنس ، لأن قتادة مدلس ، فإذا قال : ( عن ) لم يتحقق اتصاله ، فإذا جاء في طريق آخر سماعه تحققنا به اتصال الأول ، وقد سبق بيان هذه القاعدة في الفصول السابقة في مقدمة الكتاب ثم في مواضع بعدها .




                                                                                                                الخدمات العلمية