الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 90 ] ومدين ولو مات يحبس فيه ، لا في فساد ولا لأخذها إلا أن يتوب [ ص: 91 ] على الأحسن إن أعطى ما بيده من عين ، وفضل غيرها .

التالي السابق


وعطف على فقير فقال ( و ) شخص ( مدين ) ذكر أو أنثى عاجز عن وفاء ما عليه يعطى منها ما يوفي به دينه إن كان حرا مسلما غير هاشمي ، فلا تدفع لمدين هاشمي ; لأنها وسخ وقذر ، والدين صفة الأكابر فقد تداين أفضل الخلق صلى الله عليه وسلم ومات وعليه دين ليهودي إن كان المدين حيا بل :

( ولو مات ) المدين فيوفى دينه منها ، بل قيل : دين الميت أحق من دين الحي في وفائه منها ; لأنه لا يرجى قضاؤه . وأشار بولو إلى قول من قال لا يقضى دين الميت من الزكاة لوجوب وفائه من بيت المال ووصف مدين بجملة ( يحبس ) بضم المثناة وسكون الحاء وفتح الموحدة أي : المدين ( فيه ) أي : الدين أي : شأنه ذلك بأن كان لآدمي ، فيدخل دين الولد على والده ، والدين على المعسر وخرج دين الكفارات والزكاة ولم يتداينه لأخذها وصرفه في مصلحة شرعية ، ودليلهما قوله ( لا في فساد ) كشرب مغيب .

( ولا ) إن استدان ( لأخذها ) أي : الزكاة بأن كان عنده ما يكفيه لعامه وتوسع في الإنفاق حتى أفناه في بعض العام واستدان للإنفاق بقية العام ليأخذ من الزكاة ما يوفي به دينه فلا يعطى منها شيئا ; لأن قصده مذموم ، بخلاف من تداين لضرورته ناويا الأخذ منها فإنه يعطى منها ما يوفيه لحسن قصده .

( إلا أن يتوب ) من الصرف في الفساد والاستدانة لأخذها ; لأنها سفه وهو محرم ، [ ص: 91 ] فيحتاج للتوبة فيعطى منها ما يوفي به دينه ( على الأحسن ) عند ابن عبد السلام والمصنف وهو قول ابن عبد الحكم وإنما يعطى المدين منها ( إن أعطى ) المدين لرب الدين ( ما بيده ) أي المدين ( من عين و ) من ( فضل غيرها ) أي : العين عن حاجته مما يباع على المفلس وبقيت عليه بقية ، وظاهره أن الشرط إعطاء ما ذكر بالفعل وليس بمراد إنما المراد إعطاؤه ما يبقى عليه . على تقدير إعطاء ما بيده .




الخدمات العلمية