الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      مسألة

                                                                                                                                                                                                                                      وقد استدل بهذه الآية الإمام أبو حنيفة - رحمه الله - ، على أن من غصب بيضة ، فأفرخت عنده أنه يضمن البيضة ، ولا يرد الفرخ ; لأن الفرخ خلق آخر سوى البيضة ، فهو غير ما غصب ، وإنما يرد الغاصب ما غصب ، وهذا الاستدلال له وجه من النظر ، والعلم عند الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى في هذه الآية فتبارك الله أحسن الخالقين [ 23 \ 14 ] وقوله فتبارك الله قال أبو حيان في البحر المحيط : تبارك : فعل ماض لا ينصرف ، ومعناه : تعالى وتقدس . اهـ منه .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله في هذه الآية أحسن الخالقين أي : المقدرين والعرب تطلق الخلق وتريد التقدير ، ومنه قول زهير :

                                                                                                                                                                                                                                      ولأنت تفري ما خلقت وبع ض القوم يخلق ثم لا يفري



                                                                                                                                                                                                                                      فقوله : يخلق ثم لا يفري ، أي : يقدر الأمر ، ثم لا ينفذه لعجزه عنه كما هو معلوم ، ومعلوم أن النحويين مختلفون في صيغة التفضيل إذا أضيفت إلى معرفة ، هل إضافتها إضافة محضة ، أو لفظية غير محضة ، كما هو معروف في محله ؟ فمن قال : هي محضة أعرب قوله أحسن الخالقين نعتا للفظ الجلالة ، ومن قال : هي غير محضة أعربه بدلا ، وقيل : خبر مبتدأ محذوف ، تقديره : هو أحسن الخالقين ، وقرأ هذين الحرفين فخلقنا المضغة عظاما [ 23 \ 13 ] وقوله فكسونا العظام لحما ابن عامر وشعبة عن عاصم عظما : بفتح العين ، وإسكان الظاء من غير ألف بصيغة المفرد فيهما ، وقرأه الباقون : عظاما بكسر العين وفتح الظاء ، وألف بعدها بصيغة الجمع ، وعلى قراءة ابن عامر وشعبة ، فالمراد بالعظم : العظام .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد قدمنا بإيضاح في أول سورة الحج وغيرها أن المفرد إن كان اسم جنس ، قد تطلقه العرب ، وتريد به معنى الجمع ، وأكثرنا من أمثلته في القرآن ، وكلام العرب مع تعريفه وتنكيره وإضافته ، فأغنى ذلك عن إعادته هنا .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية